عرب وعالم

كرة اللهب تتدحرج نحو الشمال، سيناريوهات الحرب بين إسرائيل وحزب الله

الحرب في غزة.. كرة اللهب تتدحرج نحو شمال إسرائيل، ليس عنوانا صحفيا بل واقع ربما تشهده الحرب في غزة واتساع نطاقها خاصة بما شهدته الساعات الأخيرة بحدة الاشتباكات بين الكيان الصهيوني وحزب الله اللبناني.

وما يزيد الأمور تعقيدا بما ينبأ بخروج الوضع عن السيطرة بالشرق الأوسط، جاء تصريح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن اليوم الأحد بتحرك بلاده ضد أي دولة أو منظمة حال توسع النزاع الدائر بين الإسرائيليين وحركة حماس في غزة، ليواجه هذا التصريح برد قوي من إيران على لسان وزير خارجيتها ليحذر أمريكا وإسرائيل قائلا: إن لم توقف الإبادة في غزة ستخرج المنطقة عن السيطرة.

برميل بارود

 

وحول هذه الإشكالية كشف تقرير أن حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان أصبحت بمثابة “برميل بارود” بينما تستعد إسرائيل لغزو بري محتمل لقطاع غزة.

وذكر مقال نشرته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، أن المناوشات بين “حزب الله” اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى قطع حالة الهدوء النسبي التي سادت بين العدوين لعدة سنوات.

وقال المقال إن “إيران أمضت سنوات في بناء شبكة من المقاومة المسلحة المتحالفة معها والمعارضة لإسرائيل في إطار مفهوم يشار إليه باسم “وحدة الجبهات”.

وزودت هذه الجماعات بما فيها حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، و الحوثيون في اليمن، ومختلف الجماعات المسلحة في العراق وسوريا بالتدريب العسكري، والدعم المالي، والصواريخ، والقدرة على صنع أسلحة خاصة بها”.

وأشار المقال إلى أن فهم الخطر الحالي المتمثل في اندلاع “حريق” بين حزب الله وإسرائيل يتطلب النظر إلى الماضي، وإلى نهاية الصراع الرئيس الأخير بين الطرفين عام 2006.

حرب شاملة

وقد حددت حرب عام 2006 مجموعة غير معلنة من القواعد التي سمحت بمستوى معين من المواجهة مع تقليل خطر التصعيد إلى حرب شاملة وقد تم الآن تمديد هذه القواعد إلى نقطة الانهيار.

وأشار المقال إلى أن الرد الإسرائيلي على تلك العملية قبل سبعة عشر عاماً، والتي كانت نذيراً بهجوم  حماس هذا الشهر كان سريعاً ومدمراً، حيث شنت إسرائيل غزواً واسع النطاق لجنوب لبنان بهدف ضرب حزب الله والحكومة اللبنانية ومواطنيها.

وأضاف: عندما انقشع الغبار، تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط بشكل كبير، ولكن ليس بالطريقة التي كانت تأملها إسرائيل.

وتابع: لقد هاجمت إسرائيل البنية التحتية في لبنان وتسبب في نزوح أكثر من مليون شخص، ولكن حزب الله خرج أكثر جرأة وأعلنت النصر، وذلك لأنها بقيت على قيد الحياة، واستمرت قدرتها في إطلاق الصواريخ طوال الوقت.

قدرات حزب الله العسكرية

ورأى المقال أنه “ومنذ ذلك الحين، أصبح حزب الله أقوى حيث اكتسبت خبرة قتالية في ساحات القتال في الحرب الأهلية السورية، ولم يكن مخزون الحزب من الصواريخ الإيرانية الصنع والصواريخ ذاتية الصنع أعلى من أي وقت مضى”.

وقال زميل معهد واشنطن والخبير في شؤون الميليشيات المدعومة من إيران: “إسرائيل تقول إن هجوم حماس شمل دخول حوالي 1500 من قوات الكوماندوز إلى أراضيها بينما تقدر إسرائيل أن ميليشيا حزب الله لديها جيش نظامي قوامه 45 ألف جندي”.

وأضاف: أطلقت حماس حوالي 3300 صاروخ وطائرة مسيرة حتى الآن بينما يمتلك حزب الله حوالي 150 ألف ذخيرة جاهزة للإطلاق.

ويقول فراس مقصد، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأمريكية واشنطن لصحيفة “الإندبندنت”، إن “تفاهماً غير مكتوب” قد تطور بين إسرائيل وحزب الله لتجنب حرب أخرى، على الأقل عن غير قصد، معتبرا أن ذلك بمثابة لعبة حساسة” يمكن أن تنطوي على اشتباكات خطيرة للغاية على طول الحدود.

ورأى أن السؤال الكبير هنا، في الأيام المقبلة، هو ما إذا كان سيكون هناك مجال لسوء الفهم وسوء التقدير بين الجانبين.

وفي حديثه لوكالة “أسوشيتد برس” هذا الأسبوع، قال قاسم قصير، وهو محلل لبناني مقرب من حزب الله، إن الحزب “لن يسمح بتدمير حماس ولن يترك غزة وحدها لمواجهة توغل بري”، مضيفا: “عندما يتطلب الوضع المزيد من التصعيد، فإن حزب الله سيفعل ذلك”.

وكان وزير الخارجية الإيراني قد صرح بأنه من الممكن قيام إيران “بإجراء وقائي” ضد إسرائيل إذا مضت قدما في عمليتها في غزة.

وفي هذا الصدد، اعتبر ثاناسيس كامبانيس، مدير شركة “سينشري إنترناشيونال” أن “العديد من السياسيين في الغرب يرتكبون خطأ افتراض أن حزب الله يتلقى جميع أوامره من إيران”.

وتابع : ولكن “السؤال الآخر هو ما إذا كان حزب الله يشعر أنه مستعد استراتيجياً للحصول على بعض المزايا في إعادة التفاوض الجارية حول توازن القوى في مواجهة إسرائيل”.

تهديدات حزب الله وتحرك أمريكا

وأشار المقال إلى أن الإدارة الأمريكية تأخذ التهديدات بتورط  حزب الله على محمل الجد، فمنذ أن بدأت الحرب الأخيرة على غزة في 7 أكتوبر الجاري، حركت واشنطن حاملتي طائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط في استعراض للقوة يهدف إلى إثناء إيران وحلفائها عن التدخل.

وكان لدى الرئيس رسالة مباشرة لـحزب الله وإيران عندما سأل عن إمكانية التصعيد بالقول: “لا تفعلوا ذلك لا تفعلوا، لا تفعلوا”.

وأشار التقرير إلى أنه ورغم أن إسرائيل أوضحت علناً أنها لا تفضل خوض حرب على جبهتين، إلا أنها حشدت قواتها على الحدود الشمالية استعداداً لخوض حرب على جبهتين، لكنها رأت أن “ذلك قد لا يكون كافياً لإقناع قادة حزب الله بأنه التالي على خط النار”.

وهنا يضيف فراس مقصد، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأمريكية بأن “إيران ستستمر في استخدام هذه الحرب غير المتكافئة لاستخلاص مكاسب من الولايات المتحدة وإسرائيل”.

واعتبر أن “الولايات المتحدة ليست مجهزة بشكل خاص للرد على هذا النوع من الحرب، مضيفا أن “حاملتي الطائرات قبالة سواحل لبنان لا تساعدان كثيرًا في هذا النوع من القتال”.

لعبة محاولة الردع

لكنه في المقابل أشار إلى أن الأمريكيين “قد ينجحون في منع وقوع حرب شاملة”، مردفًا: “إننا نشهد لعبة محاولة الردع المتبادل وهو أمر خطير لأنه في حين أن كلا الجانبين يحاولان ردع بعضهما البعض ولا يريدان رؤية اندلاع صراع إقليمي واسع النطاق، فإن هذا النوع من المواقف قد يؤدي إلى ذلك الصراع الإقليمي الذي لا ترغب جميع الأطراف في رؤيته”.

ورأى المقال أن الفارق الأكبر عن حرب عام 2006 هو مخزون حزب الله من الصواريخ الدقيقة، والذي نما بشكل كبير.

وفي هذا الصدد قال مهند الحاج علي، نائب مدير الأبحاث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط إن ذلك “سيسمح لحزب الله باستهداف القواعد الإسرائيلية، وربما الانتقام من تدمير البنية التحتية اللبنانية من خلال استهداف البنية التحتية الإسرائيلية”.

وأضاف بأن “التقنيات الجديدة التي لم تكن مستخدمة على نطاق واسع في عام 2006، مثل الطائرات بدون طيار، قد تفرض تكاليف أكبر على إسرائيل أيضا.

زر الذهاب إلى الأعلى