مقالات الرأي

خطة ترامب للسيطرة على غزة تعد تحديا للقانون الدولي والاستقرار الإقليمي


بقلم ليانغ سوو لي

إعلامية صينية

 

في الآونة الأخيرة، أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول ” السيطرة على غزة وتهجير سكانها” اهتمامًا واسعًا من المجتمع الدولي.


 

هذه الخطة لا تتعلق فقط بالحكم المستقبلي لقطاع غزة فحسب، بل تشكل أيضًا تحديًا خطيرًا للقانون الدولي واستقرار منطقة الشرق الأوسط.

من منظور الأهداف الاستراتيجية، ترتبط هذه الخطة بدرجة ما بمطالب القوى اليمينية المتطرفة في إسرائيل.

ويعتقد بعض المحللين أن هدفه الأساسي قد يكون السعي إلى تغيير التركيبة السكانية في غزة تدريجياً من خلال تهجير الفلسطينيين، مما يمهد الطريق للسيطرة الإسرائيلية طويلة الأمد على غزة.

في الوقت نفسه، يُنظر إلى خطة ترامب على أنه امتداد لـ”صفقة القرن”، التي تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على التخلي عن السيادة على أراضيهم من خلال إغراءات اقتصادية، مع تعزيز تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وإعادة تشكيل النظام في منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن هذه الخطة الأحادية تجاهلت الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وانحرفت عن مبدأ “حل الدولتين” المعترف به عموما من قبل المجتمع الدولي.

من منظور القانون الدولي، فإن عمليات الترحيل القسري للسكان في الأراضي المحتلة تنتهك بوضوح أحكام اتفاقية جنيف الرابعة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ويعتقد المجتمع الدولي بشكل عام أن غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، ولا يحق لأي قوة خارجية أن تقرر مستقبلها بشكل أحادي.

إن الترحيل القسري لا يشكل فقط جريمة “تطهير عرقي” محتملًا، بل قد يضعف أيضاً من سلطة القانون الدولي.

إن احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها هو أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي.

وأي محاولة لاستبدال العدالة بالقوة قد تؤدي إلى عواقب بعيدة المدى على النظام الدولي.

من حيث تأثيره الإقليمي، فإن خطة ترامب من المرجح أن تزيد من تفاقم التوترات والصراعات في منطقة الشرق الأوسط.

قد أعربت حركة حماس عن معارضتها الواضحة لهذه الخطة، متعهدة بمقاومتها حتى النهاية.

كما أعلنت دول عربية مثل السعودية ومصر والأردن، إلى جانب جامعة الدول العربية، موقفها الرافض لهذه الخطة، مؤكدة أن القضية الفلسطينية يجب أن تُحل وفقًا لمبدأ “حل الدولتين” ورافضة أي محاولات لترحيل الفلسطينيين قسريًا.

إذا تم تنفيذ هذه الخطة، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد المواجهة بين الدول العربية وإسرائيل، بل وربما يشعل جولة جديدة من النزاعات والمواجهات المسلحة.

وقد عانت منطقة الشرق الأوسط بما فيه الكفاية من ويلات الحروب، وأي محاولة لحل المشكلات من خلال القوة أو التدخل القسري لن تؤدي إلا إلى تعقيد الوضع وجعله أكثر خطورة.

أما بالنسبة لموقف الصين من هذه القضية، فهو واضح وثابت. إذ ترى الصين أن “حكم الفلسطينيين لأنفسهم” يجب أن يكون المبدأ الأساسي لحكم غزة بعد الحرب، وترفض أي خطط خارجية تُفرض بالقوة، مؤكدة أن مستقبل غزة يجب أن يقرره الشعب الفلسطيني نفسه.

كما تدعم الصين باستمرار حل القضية الفلسطينية وفقًا لمبدأ “حل الدولتين”، باعتباره المسار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.

وأي خطة تنحرف عن هذا الإطار قد تؤدي إلى نتائج سلبية على استقرار المنطقة.

لذلك، تدعو الصين المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لتعزيز المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، وتجنب التدخلات الأحادية في شؤون المنطقة.

إن خطة ترامب تواجه تحديات كبيرة على صعيدي القانون الدولي واستقرار المنطقة. ويجب على المجتمع الدولي أن يواصل دعمه الثابت لـ “حل الدولتين”، وأن يحترم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وأن يمنع تعقيد الوضع في الشرق الأوسط أكثر مما هو عليه.

فقط من خلال الحوار السلمي والتعاون متعدد الأطراف يمكن أن يحقق السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.

إن حقوق وكرامة الشعب الفلسطيني يجب أن تحظى بالاحترام والدفاع عنها من قبل العالم بأسره.

زر الذهاب إلى الأعلى