تعاون صيني مصري لتحقيق التنمية المشتركة

بقلم ليانغ سوو لي
إعلامية صينية
إن الصين ومصر صاحبتا حضارتين عريقتين، وتعود العلاقات بين البلدين إلى زمن بعيد، حيث بدأت قبل أكثر من 2000 عام.
ومع مرور الوقت، فتحت مبادرة “الحزام والطريق” مرحلة جديدة للتعاون بين البلدين.
وباعتبارها واحدة من أوائل الدول التي انضمت إلى المبادرة، نفذت مصر والصين تعاونا مثمرا في مجالات متعددة وكتبتا معا فصلا جديدا من المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين.
في مجال البنية التحتية، حقق التعاون بين الصين ومصر نتائج مثمرة.
فعلى سبيل المثال، يعد مشروع سكة حديد الضواحي المصري “العاشر من رمضان” الذي نفذته شركات صينية، أول سكة حديد خفيفة تبنيها الشركات الصينية في خارج الصين وأول سكة حديد خفيفة حضرية في مصر، حيث يربط منطقة وسط القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المناطق المهمة، مما يحسن بشكل كبير من راحة النقل ويعود بالنفع على حياة أكثر من 5 ملايين نسمة.
وعلى صعيد التعاون الاقتصادي والتجاري، حققت الصين ومصر أيضا نتائج ملحوظة. فقد أصبحت منطقة تيدا للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر بالسويس، التي تم تأسيسها بتمويل مشترك من مجموعة تيانجين تيدا وصندوق الصين-أفريقيا، منصة مهمة لتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وهي المنطقة الصناعية الوحيدة في مصر التي أكملت جميع المرافق اللازمة، مما يسمح للشركات بالاستقرار فيها مباشرة.
وحتى نهاية يونيو 2024، اجتذبت المنطقة 170 شركة للاستقرار فيها، بإجمالي استثمارات بلغت 2.1 مليار دولار أمريكي، وإجمالي مبيعات بلغت حوالي 4.9 مليار دولار أمريكي، وسددت ضرائب للحكومة المصرية بمبلغ نحو 300 مليون دولار، ووفرت فرص عمل مباشرة لحوالي 10,000 شخص، بينما ساهمت في توفير نحو 70,000 فرصة عمل من خلال الصناعات المرتبطة به.
يعد التعاون في مجال الطاقة الخضراء جزءا مهما من البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق” بين الصين ومصر. وعلى خلفية التحول العالمي إلى الاقتصاد المنخفض الكربون، تعمل مصر بنشاط على إدخال التكنولوجيا والاستثمارات الصينية لتعزيز تطوير الطاقة المتجددة. وتعد محطة الطاقة الكهروضوئية في بنبان التي نفذتها الشركات الصينية أكبر محطة للطاقة الكهروضوئية في أفريقيا، والتي يمكن أن تزود كميات كبيرة من الكهرباء لملايين العائلات المصرية سنويا، وتقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 2 مليون طن.
وقد ساعد هذا المشروع مصر على زيادة نسبة الطاقة المتجددة في هيكلها الطاقوي، مع تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري التقليدي.
وفي مجال العلوم والتكنولوجيا، كان التعاون الصيني المصري مثمرا أيضا.
أطلقت الصين بنجاح القمر الصناعي “مصر سات 2” من مركز جيوتشيوان لإطلاق الأقمار الصناعية في شمال غربي الصين، مما يشير إلى أن مصر أصبحت أول دولة أفريقية تمتلك قدرات كاملة في تجميع الأقمار الصناعية وتكاملها واختبارها. وأدى ذلك إلى رفع مستوى تكنولوجيا الفضاء في مصر، وقدم أيضا دعما قويا لتطوير الاتصالات والملاحة والاستشعار عن بعد وغيرها من المجالات في مصر.
في الوقت نفسه، يستكشف الجانبان أيضا ويتعاونان في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وغيرها من التقنيات المتطورة لتعزيز الابتكار العلمي والتكنولوجي والارتقاء الصناعي بشكل مشترك.
علاوة على ذلك، قامت مصر والصين بتوسيع التعاون في مجالات التبادل الثقافي والتعليمي وغيرها من المجالات بشكل واسع وعميق. ومن خلال تنظيم المعارض الثقافية والعروض الفنية وغيرها من الأنشطة، عزز الجانبان فهمهما ومعرفتهما بثقافات بعضهما البعض. وفي مجال التعليم، قام الجانبان بإرسال مبعوثين وتنفيذ برامج مدرسية تعاونية، مما أتاح المزيد من فرص التعلم والتطور للشباب في كلا البلدين.
وسيستمر تعميق التعاون بين الصين ومصر في إطار مبادرة “الحزام والطريق” في تحقيق مستقبل أكثر إشراقا للبلدين. تعتبر مصر نقطة التقاطع مهمة بين إفريقيا وأوروبا، ودمج هذه المكانة مع مزايا الصين في التكنولوجيا والتمويل والأسواق سيساهم في دفع التعاون بين البلدين في مجالات التكنولوجيا العالية والطاقة الخضراء وغيرها من المجالات إلى مستويات جديدة. ولا يقتصر هذا التعاون على توطيد العلاقات الثنائية بين الصين ومصر فحسب، بل يوفر أيضا خبرة قيّمة للتعاون بين بلدان الجنوب على مستوى العالم.
تتخذ الصين ومصر إجراءات عملية لإثبات أن الدول النامية يمكنها تحقيق نتائج مربحة للجانبين والمساهمة بشكل مشترك في رخاء العالم وتنميته.