السيد هانى يكتب : برغم القصف الأمريكى للحوثيين .. طريق ترامب فى مواجهة إيران .. صعب .. وموحل ..!

بقلم : السيد هانى ..
هناك ثلاثة ملفات أساسية تشكل أركان الأزمة بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران .. هى البرنامج النووى ؛ والبرنامج الصاروخى ؛ وتمدد النفوذ الإيرانى فى المنطقة العربية عبر أذرعها العسكرية المتمثلة فى “حزب الله” و “حماس” و “الحوثيين” ..
ترى الولايات المتحدة أن هذه الملفات الثلاثة تشكل خطرا على الأمن القومى لحلفائها فى المنطقة ..سواء إسرائيل أو بعض الدول العربية .. لذلك فهى تسعى لإضعاف إيران و”كسر شوكتها” من خلال تصفية الملفات الثلاثة ..
المساعى الأمريكية فى الملفين النووى والصاروخى .. تمثلت فى فرض العقوبات الإقتصادية ومنع إيران من تصدير النفط الذى هو أهم مصادر دخلها القومى .. بهدف خلق أزمة إقتصادية خانقة تدفع الشعب الإيرانى – وفقا للحسابات الأمريكية- إلى الثورة على نظام الحكم وإسقاطه ..
* بالنسبة للملف الثالث .. وهو تمدد النفوذ الإيرانى فى المنطقة عبر أذرعها العسكرية .. فقد قامت الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بأسلحة إستراتيجية مكنتها من القضاء تماما على القدرات العسكرية لكل من “حزب الله” و “حماس” واغتيال الرؤوس الكبيرة فى كلا الجماعتين .. بحيث لم يبق من أى منهما سوى “ظاهرة صوتية” فقط .. يمكن استخدامها عند اللزوم كذريعة للتوسع الإسرائيلى فى الأراضى العربية ..!
* بقيت جماعة “الحوثيين” فى اليمن .. ذراعا تستخدمها إيران من وقت إلى آخر .. سواء لإزعاج السعودية او إسرائيل .. وكلاهما حليف مهم للولايات المتحدة .. أو لمساومة الدول الأوربية وأمريكا لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران .. وقد كسبت إيران من هذه المساومة سابقا عندما رفعت الولايات المتحدة فى عهد بايدن جماعة الحوثى من قائمة الجماعات الإرهابية ..
* الآن جاء ترامب إلى الحكم .. فوصف بايدن ب”الغبى” .. وبدأ فى استئناف سياسته المتشددة تجاه إيران ؛ التى بدأها فى ولايته الأولى بإلغاء الإتفاق النووى مع إيران فى مايو ٢٠١٨ ..
* وجد ترامب فرصته فى الإعلان الذى صدر عن الحوثيين يوم الثلاثاء ١١ مارس الجارى ؛ الذى أعربوا فيه عن إستعدادهم لاستئناف العمليات العسكرية ضد السفن الإسرائيلية فى البحر الأحمر إذا لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة ؛ التى تم تعليقها للضغط على “حماس” للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين بالرغم من تعثر تنفيذ المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار بين الحركة وإسرائيل .
* لم يضع ترامب الفرصة .. وأصدر أوامره للجيش الأمريكى بشن هجوم عسكرى قوى وحاسم ضد الحوثيين فى اليمن .. فانطلقت المقاتلات الأمريكية من حاملة الطائرات “هارى إس ترومان” المرتكزة فى البحر الأحمر .. فقصفت مواقع استراتيجية هامة للحوثيين فى العاصمة صنعاء وإقليم صعدة الذى هو المقر الرئيسى لجماعة الحوثيين ..
* القصف الأمريكى شمل مستودعات لتصنيع الأسلحة ورادارات ودفاعات جوية وأنظمة صواريخ ومسيرات .. وسقط فيه عشرات القتلى والجرحى ..
* ورغم أن الهدف المعلن للعملية هو فتح ممرات الشحن الدولية فى البحر الأحمر التى عطلتها جماعة الحوثيين .. إلا أن التصريحات التى صدرت من واشنطن .. سواء على لسان الرئيس ترامب أو مسئولين آخرين .. وصفت هذه العملية بأنها إشارة تحذير قوية لإيران .. من الممكن أن تستمر عدة أيام ويتسع نطاقها فى اليمن إذا فكر الحوثيون فى الرد عليها ..
* قال الرئيس ترامب للحوثيين فى منشور عبر منصة تروث سوشيال : “لقد انتهى وقتكم .. ويجب أن تتوقف هجماتكم بدءا من اليوم .. إن لم تفعلوا .. فسوف تشهدون جحيما لم تروا مثله من قبل”..!
* وحذر ترامب إيران ؛ الداعم الرئيسى للحوثيين؛ من استمرار دعمها للحوثيين قائلا للإيرانيين : “إذا هددتم أمريكا .. فسوف نحاسبكم حسابا عسيرا ولن نكون لطفاء فى هذا الشأن” ..مشيرا إلى أن رد الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن على هجمات الحوثيين على السفن فى البحر الأحمر .. “كان ضعيفا ومثيرا للشفقة” ..!
* بالطبع .. كان لابد للحوثيين أن يردوا على تصريحات ترامب .. فقال محمد البخيتى عضو المجلس السياسى لجماعة الحوثيين : “إن تورط أمريكا فى العدوان على اليمن غير مبرر وسنقابل التصعيد بتصعيد”..!
* كما كتب عضو آخر بالمكتب السياسى للحوثيين على منصة “إكس” تحت صورة الرئيس ترامب معلقا على تهديده : “الجحيم لك أنت” ..!
* الواضح أن ترامب قرر أن يلحق جماعة “الحوثى” بنفس المصير الذى انتهت إليه جماعتى “حماس” و”حزب الله” ..!
* ثم يبدأ بعد ذلك التفاوض مع إيران على ملفى “البرنامج النووى” و “البرنامج الصاروخى” .. بعد أن يكون قد “كسر” أذرعها العسكرية .. وخنقها إقتصاديا تحت ضغط العقوبات ..
* المشكلة التى ستواجه ترامب .. هى اتساع “رقعة اللعبة” .. بدخول روسيا والصين إلى “الملعب” .. حيث تربطهما بإيران اتفاقات عسكرية ومصالح اقتصادية .. ولن يتركا إيران تواجه أمريكا بمفردها ..
* طريق ترامب للقضاء على إيران .. صعب .. وموحل .. !
السيد هانى ..
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية ..
الكاتب المتخصص فى الشئون الدولية ..
عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية ..