مقالات الرأي

الفكر الاستراتيجى لتنمية سيناء

لواء بحري أ ح محمود متولي

ارتبطت سيناء على ممر العصور بالأمن القومى المصرى ليس فقط لما تحتويه من ثروات وكنوز طبيعيه كبيره، ولكن أيضاً لكونها البوابة الشرقية لمصر، التى تأتى من خلالها العديد من الغزوات.

قامت الدولة المصرية بوضع العديد من الخطط التنموية لسيناء ولم تكتمل، وتعثرت لأسباب عديده منها الأمن والأستقرار والتمويل وضعف الإرادة السياسية للتنمية فى ظل أعادة ترتيب الأولويات وغيرها من الأسباب، حيث لم تأتى هذه الخطط بثمارها ولم تحقق أهدافها المرجوه.

تسعى حروب الجيل الرابع والتى شهدتها منطقتنا العربية خلال العقدين الماضيين إلى خلق منطقة / أقليم من أراضى الدولة لتكون منطقه غير محكومة أى تفقد فيها الدولة لسيطرتها على هذا الأقليم تمهيداً لأنفصالة عن الدولة وتنفيذ  مخططات المفكر الكبير د./ برنارد لويس اللذى هدف لأعادة رسم خريطة المنطقة العربية من خلال تقسيمها لدويلات .

سيناء هى شبه جزيرة تقع في شمال شرق مصر وتعد جزءً عزيزا من الأراضي المصرية  حيث تنبع أهميتها  الكبيرة لمصر من الآتى :

1 – أرتباطها بالأمن القومي المصرى، حيث تعد سيناء منطقة استراتيجية بالنسبة لمصر، تقع على الحدود الشرقية للبلاد وتتمتع بموقع جغرافي مهم، ومنذ انتفاضة 25 يناير 2011 تعرضت سيناء لأعمال عنف وإرهاب تسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة، لذا فإن استقرار سيناء وتأمينها من الأعمال الإرهابية يعتبر من أهم أولويات الدولة المصرية .

2 – أرتباطها بالسياحة والتى تعتبر أحد أهم مصادر الدخل للاقتصاد المصري، حيث  تحتوي سيناء على عدد من المواقع الأثرية والسياحية الهامة مثل جبل موسى وشرم الشيخ وطابا ونويبع وغيرها، وتسهم  السياحه بشكل كبير في توفير فرص العمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.

3 – وجود العديد من الثروات الطبيعيه بها حيث تحتوي سيناء على عدد كبير من الموارد الطبيعية الهامة مثل الغاز الطبيعي والبترول والفوسفات والأملاح والمياه الجوفية. وتعتبر هذه الموارد مصدر دخل هام للاقتصاد المصري، حيث تساهم في توليد الطاقة وتوفير المواد الخام للصناعات .

4 – تعد أهم مناطق الأولوية في خطط التنمية الاقتصادية في مصر، حيث تسعى الحكومة المصرية إلى تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والإسكان وتوفير فرص العمل، وذلك لتعزيز النمو الاقتصادي والحد من الفقر والبطالة.

لذا فقد توجهت الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة بإرادة سياسية قوية وفكر أستراتيجى شامل، وبعد عدة عمليات إرهابية وأعمال عنف في سيناء وأستعادة الدولة للأمن والأستقرار فى سيناء، إلى تنفيذ أستراتيجية تهدف إلى تنمية المنطقة وتحسين الوضع الأمني والاقتصادي فيها وتنويع مصادر الأقتصاد كذا توفير فرص العمل وتنمية الصناعات المحلية        .

وتحسين جودة الحياة للمواطنين في المنطقة من خلال عدة محاور كالتالى:

1 – تطوير البنية التحتية: يتضمن ذلك توفير الكهرباء والمياه والطرق وتحسين الاتصالات والنقل في المنطقة، وهذا يمكن أن يسهم في جعل سيناء مقصداً للاستثمار والسياحة وتنفيذ مشروع القناة الفرعيه التي تربط ميناء شرق بورسعيد بميناء غرب بورسعيد. وتطوير الموانىء وأنشاء مطارات ومدن  جديده وأنفاق وكبارى لزيادة ربط سيناء بمصر، حيث تلعب سيناء دورًا حيويًا في ضبط الديموغرافية وتحقيق التنمية المستدامة في مصر .

2 – تطوير الصناعات الحرفية والصناعية: يتضمن ذلك تشجيع الصناعات الحرفية التقليدية والتي تعتمد على الموارد الطبيعية المتوفرة في سيناء، وكذلك تشجيع تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي تستخدم تقنيات حديثة.

3 – تطوير الزراعة: يتضمن ذلك تحسين تقنيات الزراعة وتطوير البنية التحتية الزراعية في سيناء، وتشجيع الاستثمار في مشاريع الزراعة وتطوير الصناعات الغذائية.

4 –  تطوير السياحة: يتضمن ذلك تطوير المواقع السياحية والرياضية وتوفير الخدمات السياحية والتسويق للمنطقة على المستوى الوطني والدولي، وتشجيع الاستثمار في مشاريع السياحة.

5 – تطوير التعليم والصحة: يتضمن ذلك تحسين جودة التعليم وتوفير الخدمات الصحية و الخدمات الاجتماعية والترفيهية اللازمة للمواطنين في سيناء، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال لتحسين جودة الحياه.

6 – تشجيع الحكومة الاستثمارات الخاصة في سيناء وتوفير الدعم اللازم للمستثمرين من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية وتوفير الحوافز المالية والضريبية.

يمكن القول إن الجهود التي بذلتها الحكومة المصرية لتنمية وتعمير سيناء قد أسفرت عن نتائج إيجابية في الفترة الأخيرة، حيث شهدت المنطقة نمواً اقتصادياً وتحسنا  ما يحدث في سيناء من تعمير ومشروعات قومية يدعو إلى الفخر؛ خصوصًا في ظل الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع خلال فترة السنوات التسع الأخيرة. والتى تعد منهجًا يستلهم منه العزيمة والإصرار، وكان هو الأساس والدافع على الإنجاز من أجل مستقبل أكبر وغد مشرق بالخير، كما أن التوجيه بتنفيذ مشروعات البناء والتنمية والتعمير جاء بالتزامن مع القضاء على قوى الشر لمد جسور التنمية في سيناء . حيث أنه اعتبارًا من 30 يونيو 2014 تم تكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالتنسيق مع الوزارات المعنية بتنفيذ العديد من المشروعات التنموية، والتي بلغ إجماليها 460 مشروعًا بتكلفة إجمالية 480 مليار جنيه؛ شملت جميع مجالات التنمية في سيناء، وقد تم الانتهاء من تنفيذ 340 مشروعًا، وجارى تنفيذ 102 مشروع، ومخطط تنفيذ 18 مشروعًا ، وكانت أبرز المشروعات المنفذه كالتالى:

1 – فى مجال الطرق والأنفاق والكباري والمطارات والموانئ، تم تنفيذ العديد من محاور الطرق لربط شبه جزيرة سيناء بمحافظات الجمهورية؛ حيث تم تنفيذ 60 محورا وطريقًا بأطوال 1600 كيلومتر، وجاري تنفيذ 23 محورًا بأطوال 420 كيلومترًا، ومخطط تنفيذ سبعة مشروعات بأطوال 440 كيلومترًا، بإجمالي أطوال 2460 كيلومترًا بعدد 90 محورًا وطريقًا بتكلفة إجمالية 69 مليار جنيه.

2 – في مجال الأنفاق، تم إنشاء خمسة أنفاق للسيارات أسفل قناة السويس؛ بإجمالي أطوال 25 كيلومترًا، بتكلفة إجمالية 35 مليار جنيه.

3 – في مجال الكباري، تم رفع كفاءة ازدواج كوبري سكة حديد الفردانة القائم، كما يجري إنشاء كوبري جديد مزدوج أعلى قناة السويس الجديدة بطول 640 مترًا وعرض 11 مترًا وارتفاع 65 مترًا، بإجمالي تكلفة 2.3 مليار جنيه.

4 – في مجال الموانئ الجوية المدنية، تم تنفيذ مطار البردويل بمنطقة المليز لاستيعاب 300 راكب/ ساعة، وتطوير منشآت مطار شرم الشيخ الدولي لاستيعاب 5000 راكب/ ساعة، ويجري تطوير مطار العريش المدني لاستيعاب 600 راكب/ ساعة بتكلفة 2.5 مليار جنيه، وتطوير المطار المدني بسانت كاترين لاستيعاب 600 راكب/ ساعة بتكلفة 2.3 مليار جنيه، ليصبح إجمالي التكلفة 11 مليار جنيه.

5 – في مجال الموانئ البحرية التجارية، يجري تطوير ميناء العريش البحري على مساحة 542 فدانًا بتكلفة أربعة مليارات جنيه، بما يشمل أرصفة بحرية بإجمالي أطوال 1165 مترًا طوليًّا، بالإضافة إلى حاجزين للأمواج.

6 – في مجال قطاع الزراعة؛ حيث زادت نسبة المساحة الزراعية في سيناء بنسبة ١١٨%، بالإضافة إلى ١٣ مشروع معالجة صرف صحي و٢٣ محطة تحلية مياه، فإن  محطة معالجة مياه بحر البقر في سيناء تم تسجيلها بموسوعة جينس كأكبر محطة في العالم وهي مشروع عبقري يضخ حوالي 6 مليون متر مكعب من المياه إلى سيناء لخدمة عملية زراعة الـ450 ألف فدان الجديدة.، وكذلك محطة معالجة المحسنة التي حصلت على لقب أفضل مشروع عالمي في عام ٢٠٢٠ طاقتها مليون متر مكعب، وتم تنفيذها لاستزراع 50 ألف فدان، وهى مشروع عملاق شديد التعقيد  نجحت الدولة في تنفيذه، بالإضافة إلى استكمال البنية الأساسية لمآخذ مياه الري لترعة الشيخ جابر، لاستكمال الـ90 ألف فدان الموجودة في مناطق رابعة وبئر العبد. فالأرض الزراعيه الموجودًه فى سيناء  قبل 2014، عبارة عن 224 ألف فدان واليوم مع التنفيذ الذي يحدث على الأرض تجاوز الـ675 ألف فدان، بإضافة 450 ألف فدان.

7 – فى مجال الثروه السمكيه: يتضمن المشروع القومي إنشاء ١٠ آلاف حوض سمكي ضمن مشروعات الثروة السمكية، بالأضافه إلى مشروعات المنطقه الأقتصاديه لقناة السويس الأمر الذى يعد طفرة تنموية غير مسبوقة في تاريخ سيناء أرض الفيروز، نال ارتفاع نسبة رضا أهالي سيناء عن العديد من الخدمات التي تنفذها الدولة، من خلال استطلاع الرأي  الذى أجرى خلال الآونة الأخيرة. فبالمشروعات التي تتم على أرض الواقع بسيناء، تكون الدوله قد ربطت بحق أرض الفيروز بمصر بصورة أبدية ، فإن كل أعمال التنمية بها لا تقل بل تزيد عن ما يتم فى باقي ربوع الجمهورية مما يحقق ويرسخ الأمن القومى المصرى.

حفظ الله مصر وبارك فى أبنائها الأوفياء

بقلم اللواء بحري أ ح / محمود متولي
زر الذهاب إلى الأعلى