الرئيسيةمقالات الرأي

الدكتور عادل عامر يكتب : كيف يمكن خلق بيئة استثمارية تنافسية لتشجيع المستثمرين على ضخ مزيد من الاستثمارات في البلاد

 

بقلم الدكتور عادل عامر

 

ان السياسة النقدية يجب أن تلعب دوراً مهما في جذب الاستثمارات، وهذا يتطلب استقرار أسعار الفائدة، ووجود سياسات مصرفية مرنة تدعم تمويل المشروعات الاستثمارية، كذلك، علينا تعزيز دور البنوك في تقديم التمويل الميسر للمشروعات الجديدة، خاصة في القطاعات التي تحتاج إلى رأس مال ضخم أو تمويل طويل الأجل. المناطق الاقتصادية الخاصة التي تم إطلاقها جاهزة لاستقطاب المستثمرين، وجزء كبير من بنيتها التحتية منجَز، وهناك عدد من الشركات التي تؤسس أو تمارس أعمالها ضمن الحدود الجغرافية لهذه المناطق حالياً، مثل شركة «لوسيد» و«العالمية للصناعات البحرية» و«علي بابا»، وغيرها.

 

أننا بحاجة إلى التركيز على نوعية الاستثمارات التي نسعى لجذبها فالاستثمارات في مجالات التكنولوجيا الحديثة، الذكاء الاصطناعي، والصناعات المتقدمة، تعتبر ذات أولوية عالية، مشيرا إلى أن تلك القطاعات توفر فرص عمل مستدامة، وتساهم في خلق ثروة معرفية جديدة، وتدعم الابتكار والإنتاجية في الاقتصاد الوطني، وعلينا أن نكثف الجهود لجذب الشركات العالمية في هذه المجالات، والعمل على بناء منظومة تعليمية وتدريبية تؤهل الشباب لتولي هذه الوظائف.

 

أن الحكومة تقوم بدور ملموس في تحسين بيئة الاستثمار، لكننا نحتاج إلى مزيد من التنسيق بين الجهات المختلفة، وخاصة الوزارات المعنية مثل وزارة الاستثمار، الصناعة، والمالية، لضمان تحقيق التناغم والتكامل بين كل الأطراف، ومن الضروري أن يتم منح المستثمرين حوافز ضريبية وتشريعية تساعد على النهوض بمشروعاتهم بما يوفر مزيدا من فرص العمل ويعزز من النمو الاقتصادي.

 

أنه لا يجب أن تقتصر جهودنا على جذب الاستثمارات الأجنبية فقط، بل يجب أن نولي أهمية خاصة للمستثمر المحلي، مضيفا أن المستثمر المحلي يمتلك القدرة على فهم أفضل لبيئة السوق، ولديه إلمام أكبر بالاحتياجات المحلية والفرص المتاحة، كما أنه أكثر قدرة على التكيف مع التحديات المحلية، من هنا، يجب تشجيع المستثمرين المصريين على ضخ استثماراتهم في الاقتصاد الوطني، من خلال منحهم حوافز وتسهيلات كبيرة.

 

إن أكبر ثروة نمتلكها هي رأس المال البشري، ويجب أن تركز الاستثمارات على تطوير المهارات وتدريب القوى العاملة، ليكونوا جاهزين للعمل في الصناعات المستقبلية، وفي هذا السياق، يجب على القطاع الخاص والحكومة التعاون في إنشاء أكاديميات ومراكز تدريب تأهيلية لرفع كفاءة الشباب، بحيث يصبحون قادرين على مواكبة أحدث التطورات في مجالات التكنولوجيا والصناعة. أن مجالات الطاقة المتجددة تمثل فرصة ذهبية لمصر لتصبح مركزا إقليميا للطاقة النظيفة، ولدينا إمكانيات كبيرة في هذا المجال، ونحن بحاجة إلى جذب الاستثمارات في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، هذه الاستثمارات ستساهم في خلق آلاف من فرص العمل، فضلاً عن تحسين البيئة والمساهمة في تحقيق الاستدامة الاقتصادية

 

أن تحسين بيئة الاستثمار يتطلب نهجا استراتيجيا شاملا، يجب أن تركز السياسات الاقتصادية على تحقيق بيئة استثمارية جاذبة، تضمن تطوير البنية التحتية، تسهيل الإجراءات الإدارية، وتقديم حوافز قوية للمستثمرين،

 

كما يجب أن نكون على وعي تام بأهمية تحسين المناخ الاستثماري المحلي، فالمستثمر الوطني يمثل حجر الزاوية في النهوض بالاقتصاد الوطني. يقدم الاستثمار في المناطق الاقتصادية الخاصة بيئة تشغيلية عالمية المستوى، مدعومة ببنية تحتية متكاملة، تشمل جميع الخدمات الأساسية، وتوفر حزمة متكاملة من المزايا التنافسية والحوافز المالية والإدارية والتشريعية التي تُمكّن الشركات العالمية من تحقيق أهدافها وطموحاتها التجارية، وتساعدها على توسيع أعمالها في المنطقة. تقدم المناطق الاقتصادية الخاصة فرصاً جديدة أمام المستثمرين، حسب المزايا التنافسية لكل منطقة، وضمن قطاعات حيوية وواعدة، تشمل القطاع اللوجستي والصناعي والتقنيات الحديثة.

 

وستحصل المنشآت على حزمة من الحوافز، تشمل: تخفيضات في ضريبة الدخل على الشركات، وإعفاءات من ضريبة الاستقطاع، والرسوم الجمركية على البضائع الداخلة إلى المناطق الاقتصادية الخاصة، وكذلك الإعفاء من المقابل المالي للعاملين المقيمين وأفراد عائلاتهم. وتستفيد الشركات أيضاً من الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة، حسب القطاع أو النشاط التجاري، إضافة إلى حزمة من اللوائح التنظيمية المرنة والداعمة للأعمال، فيما يتعلق بجذب الكفاءات الأجنبية.

 

تهدف سياسات الاستثمار إلى جذب الاستثمارات الخاصة المحلية، والإقليمية، والدولية لتحقيق أهداف الاقتصاد القومي، ويتم تنظيم العلاقة بين المستثمر والدولة من خلال قانون الاستثمار القائم ولائحته التنفيذية، والمتمثل في القانون رقم (72) لسنة 2017، والذي يشمل كافة الإجراءات المنظمة للاستثمار من خطوات تنفيذية ورسوم، كما يتضمن حوافز وضمانات الاستثمار التي يتمتع بها المستثمر في مصر، وحال النزاع بين المستثمرين والشخصيات الاعتبارية العامة ينظم القانون آليات فض النزاع من خلال اللجوء إلى اللجنة الوزارية لفض المنازعات، واللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار، بالإضافة إلى لجنة التظلمات وهي اللجنة المسئولة عن نظر التظلمات من القرارات الصادرة من الهيئة العامة للاستثمار أو غيرها من الجهات المختصة بمنح التراخيص والتصاريح، فضلا عن إتاحة اللجوء للوسائل الودية لتسوية المنازعات ومراكز التحكيم والوساطة.

 

ومع منافسة الاقتصاد المصري مع كافة الاقتصادات العالمية والإقليمية في اجتذاب الحصة الأكبر من الاستثمار الخاص، يتضمن قانون الاستثمار ضمانات وحوافز من شأنها زيادة تنافسية الاقتصاد المصري في جذب الاستثمارات. أما حوافز الاستثمار فتنقسم إلى حوافز عامة تمنح لكافة المشروعات فيما عدا المشروعات المقامة بنظام المناطق الحرة، وحوافز إضافية يجوز منحها بقرار من مجلس الوزراء لبعض المشروعات، وحوافز خاصة تختلف وفقا للنطاق الجغرافي للمشروعات، وأخيرا حافز الموافقة الواحدة المعروف باسم «الرخصة الذهبية».

 

تتمثل الحوافز العامة في إعفاء عقود تأسيس الشركات، والمنشآت، وعقود التسهيلات الائتمانية والرهن المرتبطة بأعمالها من ضريبة الدمغة، ومن رسوم التوثيق والشهر لمدة 5 سنوات من تاريخ قيدها في السجل التجاري، وكذلك إعفاء عقود تسجيل الأراضي اللازمة لإقامة الشركات والمنشآت من الضرائب، والرسوم المشار إليهـا، وتحصيل ضريبـة جمركيـة بفئة موحدة مقدارها 2 % على جميع ما تستورده الشركات والمنشآت من آلات، ومعدات، وأجهزة لازمة لإنشائها، وجميع ما تستورده الشركات والمنشآت التي تعمل في مشروعات المرافق العامة من آلات، ومعدات، وأجهزة لازمة لإنشائها أو استكمالها، ويكون للمشروعات الاستثمارية الصناعية استيراد القوالب والإسطمبات، وغيرها من مستلزمات الإنتاج دون رسوم جمركية

 

وبالنسبة للحوافز الخاصة، فتشمل منح المشروعات الاستثمارية التي تقام بعد العمل بهذا القانون حافرا استثماريا خصما من صافي الأرباح الخاضعة للضريبة بنسبة 50 % من التكاليف الاستثمارية تخصم من صافي الأرباح الخاضعة للضريبة للمشروعات الاستثمارية التي تزاول نشاطها في المناطق الأكثر احتياجا للتنمية طبقا للخريطة الاستثمارية، والمعروفة باسم النطاق الجغرافي للقطاع (أ)، أو بنسبة 30 % من التكاليف الاستثمارية تخصم من صافي الأرباح الخاضعة للضريبة للمشروعات التي تزاول نشاطها الجغرافي في بقية أنحاء الجمهورية في المناطق التي تتمتع بتوافر مقومات التنمية، والمعروفة باسم قطاع (ب)، ومن أمثلة تلك المشروعات التي يتم منحها هذا الحافر المشروعات كثيفة العمالة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والمشروعات التي تعتمد على الطاقة الجديدة والمتجددة أو تنتجها مثل: مشروعات إنتاج الكهرباء، وبعض المشروعات مثل: صناعة السيارات، والصناعات الغذائية، والصناعات الخشبية، والطباعة، والصناعات الكيماوية، وصناعة المضادات الحيوية وأدوية الأورام، ومستحضرات التجميل، والصناعات الهندسية، والمعدنية، والنسيجية، والجلود، والصناعات المرتبطة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، هذا بالإضافة إلى المشروعات القومية والاستراتيجية والسياحية، والمشروعات التي يُصَدر إنتاجها إلى خارج البلاد.

 

وفي جميع الحالات يجب ألا يتجاوز الحافز الاستثماري 80 % من رأس المال المدفوع حتى تاريخ بدء مزاولة النشاط ولا تزيد مدة الخصم على سبع سنوات من تاريخ بدء مزاولة النشاط، وهناك شروط لتمتع المشروعات الاستثمارية بالحوافر الخاصة، وهي: أن يتم تأسيس شركة أو منشأة جديدة لإقامة المشروع الاستثماري، وأن تؤسس الشركة أو المنشأة خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية القانون الاستثمار رقم (72) لسنة 2017 ويجوز بقرار من مجلس الوزراء وبناء على عرض الوزير المختص مد هذه المدة لمرة واحدة. وأن تمسك الشركة أو المنشأة حسابات منتظمة، وإذا كانت الشركة أو المنشأة تعمل في أكثر من منطقة فلها أن تستفيد بالنسبة المقررة لكل منطقة بشرط أن يكون لكل منطقة حسابات مستقلة، وألا يكون أي من المساهمين أو الشركاء أو أصحاب المنشآت قد قدم أو أسهم أو استخدم في إنشاء أو تأسيس أو إقامة المشروع الاستثماري المتمتع بالحافز أيا من الأصول المادية لشركة أو منشاة قائمة وقت العمل بأحكام هذا القانون، أو قام بتصفية تلك الشركة أو المنشأة بغرض إنشاء مشروع استثماري جديد يتمنع بالحوافز الخاصة، ويترتب على مخالفة ذلك سقوط التمتع بالحافز المشار إليه والتزام الشـركة أو المنشاة ستداد جميع المستحقات الضريبية.

 

أما الحوافز الإضافية التي يجوز منحها بقرار من مجلس الوزراء للمشروعات المنصوص عليها في المادة (11) من قانون الاستثمار رقم (72) لسنة 2017، فتتمثل في السماح بإنشاء منافذ جمركية خاصة لصادرات المشروع الاستثماري أو وارداته بالاتفاق مع وزير المالية، وتتحمل الدولة قيمة ما يتكفله المستثمر لتوصيل المرافق إلى العقار المخصص للمشروع الاستثماري أو جزء منها، وذلك بعد تشغيل المشروع، كما تتحمل الدولة جزءا من تكلفة التدريب الفني للعاملين، ويتم رد نصف قيمة الأرض المخصصة للمشروعات الصناعية في حالة بدء الإنتاج خلال عامين من تاريخ تسليم الأرض، ويتم تخصيص أراض بالمجان لبعض الأنشطة الإستراتيجية وفقا للضوابط المقررة قانونا في هذا الشأن. ويجوز استحداث حوافز أخرى غير ضريبية بقرار من مجلس الوزراء كلما دعت الحاجة.

 

كما تضمن قانون الاستثمار حافز الموافقة الواحدة المعروف باسم «الرخصة الذهبية» والتي يتم منحها للشركات التي تؤسس لإقامة مشروعات إستراتيجية أو قومية فتمنح موافقة واحدة نافذة لإقامة وتشغيل وإدارة المشروع بما في ذلك تراخيص البناء وتخصيص العقارات(5)، وتجدر الإشارة إلى قيام السيد رئيس الجمهورية بإعلان منحها لكافة المشروعات التي يتم تأسيسها خلال مدة ثلاثة أشهر بدء من نهاية أكتوبر العام الماضي 2022 تحفيزا للقطاع الخاص.

 

الدكتور عادل عامر

 

دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي

 

ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري

 

وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

 

01118984318

 

01555926548

 

01024975371

 

01277691834

 

زر الذهاب إلى الأعلى