مصر

اجمل ما قيل عن الفنان صلاح جاهين بمناسبة الأحتفاء به اليوم في إطار مبادرة عزة الهُوِيَّة المصرية

 

كتبت :إيمان خالد خفاجي

يعد الفنان الكبير «صلاح جاهين» ظاهرة فنية جمعت فى طياتها عدد كبير من أشكال الإبداع الفنى، فهو الشاعر الذى كتب بالعامية المصرية الأصيلة، مستخدمًا ألفاظ الشارع المصرى البسيط لتصوير الأحداث الجارية فى كلمات أغنياته. وهو الرسام الذي صور آلام واحلام المواطن البسيط فى وجوهه الكاريكاتيرية وهو المفكر الذى عاصر وعايش جزء هامًا من تاريخ مصر وعبر عنه، وهو الكثير من الكثير . لقد أحب «جاهين» البسطاء وأسكنهم كلماته ورسومه، وهو ما جعله فارسًا بحق يحلق بين المبدعين المصريين ويتحدث بلسان كل فئات الشعب المصري، فمنحته الجماهير ببسطائها ومثقفيها كل الحب والتقدير، وباتت العديد من كلمات قصائده المكتوبة بالعامية المصرية أمثالًا يرددها العامة .

وبمناسبة اطلاق وزير الثقافة الدكتور احمد فؤاد هنو مبادرة عزة الهوية المصرية؛ وأختيار الفنان الكبير صلاح جاهين” للاحتفاء به فى اطار هذه المبادرة اليوم 19 فبراير تحت عنوان ” عمنا ..صلاح جاهين، باعتباره احد الرموز الثقافية المصرية التي عبرت عن الهوية الوطنية المصرية، نقدم لكم فى المقابل اشهر المقولات التى قالها عدد من الرموز الثقافية المصرية عنه.

كتب الروائي الكبير فتحي غانم في مجلة آخر ساعة عنه عام 1955 بعد أن أصدر جاهين ديوانه الأول “كلمة سلام”، مقالاً جميلاً حمل عنوان ” شاعر مولود منذ 25 عاماً وعمره خمسة آلاف عام”.

كما قال الكاتب الكبير يحيى حقى عنه: “أول ما تجده فى رباعيات صلاح جاهين هو تعبيرها الصادق الظريف الخفيف الدم عن مزاج ابن البلد فى مصر، فصلاح ابن بلد مصفى لم يفسده تثقيف ولا تعليم ولا شهرة بل زاده رقة على رقة…”

بينما قال عنه الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم : ” كان شاعر الناس، هو الذي اخترع الطريقة التي يمكن أن تكون فيها السخرية أداة لرفع الوعي وليس للاستخفاف… هو ليس فقط كاتبًا، بل كان ملهمًا لآمال الناس وتطلعاتهم.”

وقال عنه الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي انه “ظاهرة لن تتكرّر، كتب شعرًا عبقريًا، عرف الطريق إلى لغة بسيطة، وكانت لديه القدرة على ترجمة المشاعر المركبة في سلاسة جعلته الأقرب للناس”.

وفى المقابل قال الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي عنه : “لم يكن صلاح جاهين صوتًا بسيطًا مفردًا، وإنما كان مجمع أصوات، كان صوت مصر والبشرية، صوت الجماعة في الواقع والحلم معًا، …”

وروي الكاتب والمفكر الكبير محمد بغدادى فى مقال نشر له عام 2012: عندما سألت عمنا فؤاد حداد عن صلاح جاهين قال (لو لم يكتب جاهين أي شيء سيكفيه أنه كتب “على اسم مصر” فهذه القصيدة من أروع ما كتب جاهين في شعر العامية.. وفيها شغل كثير)، هذه القطعة البديعة من أشعار صلاح جاهين التي كتبها في أعقاب نكسة يونيو 1967 وأثناء حرب الاستنزاف ونشرت في جريدة الأهرام على صفحة كاملة وبدت كأنها قادمة من اللاوعي لإيقاظ الشعب المصرى وإحياء الروح الوطنية للشعب المصرى.

كما قال الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ عن عمنا… صلاح جاهين : “هو الشاعر الذي استطاع أن يجد في الواقع المصري مادة غنية لتكون شعرًا يتناغم مع وجدان الشعب. لرباعياته طابع خاص، حيث تدمج السخرية بالمرارة، وتُقدِّم المأساة في قالب سهل، يتأثر به القارئ دون عناء.

ورغم كل هذا ظل الشعر احد وجوه جاهين المتعددة، فقد كان رساماً للكاريكاتير، ومغنياً، وصحفياً وكاتباً للمقال، وكاتبًا للسيناريو ومنتجاً للأفلام، وصانع كتب، وممثلاً شارك في العديد من الأفلام من بينها رابعة العدوية، واللص والكلاب، وغيرها من المجالات التي جعلت كاتباً مثل نجيب محفوظ يكتب إليه في إهداء روايته “الحرافيش”: “تحيات مباركات بعدد مواهبك المتنوعة”.

ووصفه الناقد والأكاديمي المصري شوكت المصري بأنه “مبدع متعدد الوجوه وصل إلى الحد الأقصى في معظم المجالات التي خاضها، لا سيما شعر العامية والشعر الغنائي وفن الكاريكاتير”. وأشار إلى أن رباعياته تجسد حكمة مصرية قديمة تعبر عن روح الشخصية المصرية عبر التاريخ.

وقال عنه الكاتب إبراهيم عبد المجيد: ” في صلاح جاهين شيء خاص جداً، أرجو ألا أكون مخطئاً فيه، هو أنه يجعل من يستمع إليه أو يراه يشعر بأنه طفل برئ، يقف أمام طفل أكثر براءة، أعني أنه يوقظ الطفولية الساكنة في أعماقنا نحن الرجال، شبابًا كنا أو كهولاً أو شيوخاً كبارًا…”.

وفي كتابه “شخصيات مصرية فذة كتب الدكتور جلال أمين: “تصادف أن سمعت بخبر وفاة صلاح جاهين ذلك الشاعر العبقري، وأنا أقرأ قصة حياة شارلي شابلن، فراعني أن ألاحظ في حياة كل منهما هذا الحزن أو الاكتئاب العظيم الذي يفجر الموهبة. كما راعني أن ألاحظ أن كلًا منهما اختار لنفسه دورًا يجمع بين الجنتلمان والصعلوك في نفس الوقت”.

الجدير بالذكر أن من أهم أعمال عمنا صلاح جاهين، ديوان قصاقيص ورق، أشعار العامية المصرية، ديوان أوراق سبتمبرية، عن القمر والطين، كتاب أزجال صحفية، ديوان رباعيات صلاح جاهين، الشاطر حسن، موال عشان القنال، أوبريت الليلة الكبيرة، وغيرها من السيناريوهات والمسرحيات والأغان، لكن يظل احد اهم اعماله الفنية والوطنية على الأطلاق قصيدة على أسم مصر التى عبر فيها عن محبته لها وتأثره وحلمه بها، كما كان له دورا كبيرا في تأسيس مدرسة الكاريكاتير المصرية الحديثة في منتصف الخمسينيات، مع رفاقه في مجلة “صباح الخير” الأسبوعية المتخصصة في هذا الفن، ومن خلال رسومه البسيطة والسلسة، عبّر جاهين عن الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عاشتها مصر في مرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وأصبحت لاحقًا طريقته السلسلة مدرسة انتهجها رساموا الكاريكاتير في مصر، ليكون هو أحد روّادها.

ولاشك أن نشأة جاهين تمثل ملمحا جوهريا في إبداعه حيث مسحت عيونه جغرافيا الوطن في بواكير تفتح بصيرته علي الرؤية والاختزال. كان والده يعمل وكيلا للنيابة، وكان ينتقل بأسرته من محافظة لمحافظة ومن قرية لقرية، فقد التحق جاهين في السنة الرابعة بروضة الكلية الأمريكية بأسيوط، وبعد سنتين كان في مدرسة الناصرية الابتدائية بالقاهرة ثم مدرسة شبين الكوم ثم عاد لأسيوط وحصل علي شهادة الكفاءة عام1946 وشهادة التوجيهية من طنطا عام1974 ثم عاد من طنطا للقاهرة مرة أخري. هذا الطواف فى ارجاء مصر منح عمنا صلاح جاهين بصيره سبكت برائحة الوطن واستحق بحق أن يكون احد رموز الأبداع المصري .

زر الذهاب إلى الأعلى