كيف تواجه القضية الفلسطينية الخلافات الأمريكية – الاسرائيلية؟

ككرة تلج متدحرجه تتزايد الخلافات الأمريكية – الإسرائيلية يوما بعد يوم، يغذي هذه الخلافات يمين اسرائيلي متطرف في الحكومة الاسرائيلية الحالية ،ويسار امريكي مازال متمسك بالحد الأدنى من القرارات الدولية، ويسعى للوصول الى حل الدولتين، في إطار من البحث عن المصلحة الامريكية العليا .
هذا الخلاف لا يدور حول الانتهاكات الاسرائيلية للاراضي المحتلة فقط بل بدا مع اعلان نتنياهو خطة اصلاح القضاء وما تبعه من مظاهرات في الداخل الاسرائيلي بعد اقرار التعديلات من الكنيست، وانتقاد كبار المسؤولين الأمريكيين لسياسة حكومة إسرائيل الاستيطانية،فالولايات المتحدة تعوّل على إمكانية تحقيق السلام من خلال إقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية. بينما تبالغ حكومة نتنياهو في الاستيطان وقضم الاراضي أكثر فأكثر وهناك خلاف آخر حول إحياء ملف إيران النووي الذي تعارضه إسرائيل بشدة، كما أن هناك موقف نتنياهو ضد سياسة عدم المفاجآت والتي تعني عدم اتخاذ إجراء عسكري مفاجئ ضد إيران الا من خلال تنسيق مباشر.
ويبدو أن إسرائيل لم تعد الدولة الوظيفية التي تخدم المصلحة الخاصة السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة الأميركية، وأنّ هناك فجوة حدثت في المصالح الأميركية الإسرائيلية التي باتت لا تتطابق مع المصالح الإسرائيلية في الشرق الأوسط، وهذا ما كان واضحاً بعد الانسحاب الأميركي من المنطقة، والذهاب إلى مناطق أكثر استراتيجية مثل جنوب شرق آسيا ولم تعد فوائد الدعم الأميركي لاسرائيل تُغطي التكاليف السياسية لواشنطن.
والثابت الآن في اروقة السياسة الامريكية أن اسرائيل تحولت من دولة وظيفية تنفذ كل ما يطلب منها لخدمة السياسية الامريكية الى دولة خارج السيطره وهو ما اعلنته النائبة الأمريكية براميلا غايابال، التي شنت هجوما على اسرائيل ووصفتها بأنها دولة عنصرية، وأن الشعب الفلسطيني يستحق تقرير المصير، وأن حلم حل الدولتين اصبح بعيد المنال.
الاصوات اليمينية المتطرفة داخل حكومة نتنياهو تؤكد هذا المعني كل يوم وتكاد تقضي على كل امل للوصول الى حل سلمي للقضية الفلسطينية فبين الحين والآخر يصدر عن هؤلاء الوزراء خطط واقتراحات غريبة لا تعترف باي حق للفلسطينيين في ارضهم المحتلة، كان اخر هذه الخزعبلات مااطلق علية (خطة اسرائيل الحاسمة) طرحها وزير المالية الإسرئيلي سموتريتش وهي خطة لا تستند إلى القرارات الدولية أو مبادرة السلام العربية أو حتى المقترحات الأمريكية حيث زعم أنها ستنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخير الفلسطينيين بين (العيش ضمن دولة يهودية بحقوق منقوصة) أو (الهجرة ) أو (القتل بالرصاص) لمن يفكر في المقاومة أو الاعتراض.
وذلك عن طريق تطبيق السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، وإنهاء النزاع بالاستيطان المكثف على شكل إنشاء مدن ومستوطنات جديدة في عمق المنطقة وجلب مئات الآلاف من المستوطنين للعيش فيها.وهو ما يعني الاستيلاء عنوة على كل الاراضي المحتلة ومنع أي اصوات فلسطينية من الحديث عن تحرير الأرض أو أي شكل من اشكال المقاومة والاعتراض وإلا فان (الرصاص هو الحل). وهي تصريحات تعتبر خطيرة، تصل الى حد الجريمة لانها ببساطة تقوم على الاستيلاء على الضفة الغربية وضمها بالقوة وتروج للدم والقتل.
إسرائيل ترى أن الموقف العربي نحو حل الدولتين، غير واقعي، وأن الحد الأقصى الذي يرغب اليسار الإسرائيلي في تقديمه هو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يرغب فيه العرب الأكثر اعتدالا.
عدد من الاسرائيلين انفسهم يرى أن اندفاع اليمين الإسرائيلي نحو الخلاف مع أمريكا يعتبر تهديد مباشر للمظلة السياسية، والمساعدات المالية الامريكية المستمرة منذ قيام إسرائيل وحتى الان خاصة في زمن المواجهات العسكرية الشاملة، وأن الصدام مع الإدارة الأمريكية ليس فقط غباء وجهلا في الشؤون الدولية، بل هو خطر وجودي على الدولة اليهودية ذاتها لان إسرائيل تعتمد على وجودها على عنصرين اساسيين وبدونهما سيتعرض كيان وجود الدولة للخطر الأول الدعم الأمريكي بلا حدود ويهددة الخلافات، والثاني تماسك المجتمع الإسرائيلي كقوة عسكرية .
اصوات أمريكية بدات تنادي بوقف المساعدات الأمريكية لإسرائيل حيث نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لنيكولاس كريستوف، دعا فيه الإدارة الأمريكية لقطع تدريجي للمساعدات السنوية التي تمنح لدولة الاحتلال الإسرائيلي.، وتساءل: هل من المعقول للولايات المتحدة أن تقدم مبلغ 3.8 مليار دولار سنويا لدولة أخري اصبحت ثرية ؟.. ويجيب: هذا يعد تبديدا للموارد الشحيحة، ويخلق علاقة غير صحية تضر البلدين.
واخيرا… بغض النظر عن تصاعد الخلافات الأمريكية – الإسرائيلية أو أن تظل العلاقة استراتيجية بين إسرائيل وباقي المؤسسات الأمريكية الفاعلة بعيدا عن البيت الأبيض خاصة وزارة الدفاع الأمريكية والأجهزة الأمنية والكونجرس وغيرها، فأن المطلوب فلسطينيا الوحدة والتنسيق العاجل ونبذ الخلافات وإنشاء حكومة وطنية تستطيع مواجهة موجة التطرف الإسرائليئ، التي تقوم على التهويد والاستيطان والتنكيل بالشعب الفلسطيني، ووضع الخطط الفلسطينية في اطار مبادرة السلام العربية والاستجابة لجهود المصالحة المصرية لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية.
أحمد عبد الخالق