مصر

السفير دياب اللوح : إرادة وصمود شعبنا والتلاحم العربي أسقطوا مخططات تهجير شعبنا الفلسطيني عن أرضه

مريم عامر

شارك سفير دولة فلسطين بالقاهرة دياب اللوح ، في الندوة التي نظمها المجلس المصري للشؤون الخارجية حول” إقامة الدولة الفلسطينية: الرؤية المصرية والدعم العربي”، والتي عقدت في النادي الدبلوماسي بمشاركة حشد من كبار الدبلوماسيين والمفكرين والساسة .

 

شهد اللقاء حضور وزير خارجية جمهورية مصر العربية الأسبق محمد العرابي ، ووزير الإعلام السابق سامي الشريف، ووزير الإعلام الأسبق درية شرف الدين، ، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق ميرفت التلاوي، السفيرة اليمنية بشرى الأرياني .

 

في مستهل اللقاء ، ثمن السفير دياب اللوح حرص المجلس المصري للشؤون الخارجية على عقد هذه الندوة الثرية من أجل بلورة رؤية عربية وخطة عربية موحدة تُجسد الموقف العربي- القومي المشترك؛ ولتحديد المسار وخطة خريطة التحرك والعمل سياسياً ودبلوماسياً قولاً وفعلاً لمواجهة السيناريوهات والمخططات المطروحة تجاه القضية الفلسطينية ، مؤكدا أن العمق العربي هو الأساس الأقوى والحاضن التاريخي لإيجاد حل عادل لهذه القضية التي طال أمدها دون حلٍ لها، ولكنها بقيت حية ونابضة على طاولة العمل العربي المشترك وطاولة المجتمع الدولي حتى تجد حلاً عادلاً لها، يُجسد حق الشعب الفلسطيني المناضل المشروع في تقرير مصيره وحريته وعودته إلى وطنه وإقامة دولته العتيدة بعاصمتها القدس.

 

وأكد السفير دياب اللوح أنه منذ عقود طويلة من الصراع العربي- الإسرائيلي، والصراع الفلسطيني مع إسرائيل القوة الغاشمة القائمة بالإحتلال وعلى مدار أكثر من قرنٍ من الصراع الدامي يواجه الفلسطينيون المخططات تلو المخططات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه التاريخية وإحلال المستوطنين الغرباء بدلاً منهم عليها، ولكن الشعب الفلسطيني المناضل المتسلح بالوعي الوطني وبالصبر والصمود والاستعداد التام للتضحية والعطاء والإيمان المطلق بالله وعدالة قضيته وبحقه التاريخي في أرضه، رفض كل مخططات التوطين والوطن البديل والتهجير، ليس لأنها تتعارض مع مصلحته الوطنية فحسب، وإنما لإنها غير قانونية وغير أخلاقية، وتتناقض مع قواعد القانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة، والقانون الإنساني الدولي أيضاً، وقد استطاع الشعب الفلسطيني اسقاط وتقويض كافة المخططات والنظريات الصهيونية، وأخطرها ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، و( الكبار يموتون والصغار ينسون)، و( إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات)، و( أسطورة الجيش الذي لا يُقهر)، وذلك بفضل نضال شعبنا الفلسطيني وصموده، وكذلك بفضل العمق والالتفاف العربي الكبير الممتد منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، وبفضل تلاحم وملاحم الجيوش العربية، وفي مقدمتها جيش مصر العظيم، وانتصاراته المجيدة في السادس من أكتوبر عام 1973م، والذي حطم من خلالها أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وسطُر في سجل العسكرية العربية استراتيجية عسكرية جديدة تُدرس في الأكاديميات العسكرية العربية والأجنية، إلى جانب النصر الذي حققته الثورة الفلسطينية المعاصرة مع الجيش الأردني العظيم في معركة الكرامة عام 1968م، التي كسرت مقولة الجنرال موشيه ديان الذي قال ( أنه سوف يفقش المقاومة كما يفقش البيضة في يده) ، لكنه خرج منها مهزوماً محسوراً خاسراً، وانتصرت إرادة الفدائي الفلسطيني، وإرادة الجندي العربي، وكان نصر أكتوبر المجيد عام 1973م، الذي سطرته القوات المسلحة المصرية، ليُسطر أسطورة تاريخية لازلنا نحتفل بها بعد أكثر من خمسين عاماً من حدوثها، ولسوف نظل نحتفل بها نحن وأجيالنا المتعاقبة من الشعب المصري العظيم والأمة العربية المجيدة لأكثر من خمسمائة عام قادم من التاريخ والكفاح والعطاء الذي لا يتوقف حتى إنهاء هذا الإحتلال الإسرائيلي الغاشم بكافة أشكاله العسكرية والإستيطانية الاستعمارية للأراضي الفلسطينية والعربية والمحتلة.

 

واستطرد السفير دياب اللوح أنه بالرغم من سقوط كل هذه المراهنات على تمرير هذه المخططات والمشاريع والأساطير والأوهام بتهجير الشعب الفلسطيني عن أرضه، إلا أن هناك أصواتاً تُنادي بهذه الأوهام وتعمل على تمرير هذه المخططات التي تطُل علينا برأسها بين الفينة والأخرى، وأنه حتي خلال حرب الإبادة الجماعية الممنهجة على الشعب الفلسطيني لم تنجح المخططات في نزع وتهجير الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من أرضه، ولن تنجح في نزعه وتهجيره من الضفة الغربية والقدس عاصمة دولة فلسطين، وهذا يعود لوعي وإدراك المواطن الفلسطيني بحقه بالتمسك بالبقاء على أرضه وبجوار ركام منازله بدون ماءٍ وبدون طعامٍ وبدون دواءٍ وبدون مأوى، مسلطا الضوء على دور الشقيقة الكبرى مصر التي لعبت دوراً محورياً ليس في القضية الفلسطينية فقط، وإنما في المنطقة والعالم، حين رفضت منذ اللحظة الأولى مخطط التهجير بكل أنواعه القسرية والطوعية، ووقفت كالطود الشامخ والسد المنيع أمام كل التهديدات، موجها الشكر باسم دولة فلسطين رئيساً وحكومةً وقيادةً وفصائلاً وشعباً مناضلاً عظيماً، لفخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة الذي وقف ولازال يقف ضد تمرير هذا المخطط المشؤوم، ولا ينفك مُعبراً عن هذا الموقف الوطني والقومي والعربي والتاريخي الأصيل برفض مخطط التهجير، لأنه يرى فيه تصفيةً للقضية الفلسطينية، وتهديد حقيقي لوجود الشعب الفلسطيني على أرضه، مؤكدا أن التاريخ سجل هذا الموقف المشرف لمصر ولرئيسها الذي منع تمرير هذا المخطط ولازال يؤكد في كل مناسبة على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الوطنية الكاملة، المتصلة جغرافياً والقابلة للحياة في خطوط عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية تعيش بأمنٍ وسلامٍ كاملين جنباً إلى جنب مع دول وشعوب المنطقة والعالم، دولة القانون والمؤسسات، دولة الشهداء والجرحى والأسرى، دولة كل الفلسطينيين.

 

وأشاد السفير دياب اللوح كذلك بالموقف المصري والأردني المُشرف، ومواقف كافة الدول العربية الشقيقة من المحيط إلى الخليج، قائلا :” نؤكد أمامكم ما أكده مراراً وتكراراً فخامة السيد الرئيس محمود عباس، بأننا متمسكون بالبقاء على أرضنا ولن نُغادر وطننا، وما قاله الشاعر محمود درويش على هذه الأرض ( فلسطين) ما يستحق الحياة، وما قاله الرئيس الخالد ياسر عرفات ليس منا وليس فينا من يُفرط بذرة تراب من تراب القدس، ونؤكد لكم بأننا لن نُقيم دولة بغزة ولا دولة بدون غزة، وأن لا عاصمة في القدس وإنما القدس بكامل خطوط عام 1967م، هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وأننا لن نسمح بإقامة دولة بغزة وعلى أي جزء من أرض سيناء المصرية العزيزة، وأننا نحترم سيادة مصر على كامل ترابها الوطني العزيز، وأننا شركاء مع مصر في مكافحة الإرهاب، وأن الأمن القومي المصري أولوية قُصوى بالنسبة لنا، وأنه طالما أن مصر بخير فنحن الشعب الفلسطيني والأمة العربية بخير.”

 

وحذر السفير دياب اللوح من مغبة التداعيات الخطيرة لما تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية من ممارسات عنصرية وإرهابية وغير قانونية، في مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية الاستعمارية عليها، وبناء جدار الضم والفصل العنصري، وهدم وحرق المنازل واقتلاع وحرق المزارع، وإطلاق يد قطعان المستوطنين وعصاباتهم المسلحة في القتل والاعتداء على المواطنين الفلسطينيين تحت حماية من الجيش الإسرائيلي وشرطته، وتقطيع أوصال الضفة الغربية إلى نحو تسعمائة قطعة جغرافية وعزل مدينة القدس عن محيطها العربي- الفلسطيني، للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً وقابلة للحياة، وأن ما قامت به إسرائيل مؤخراً في شمال الضفة من تدمير للمدن والمخيمات وتهجير سكانها قسراً، بما لا يدع مجالاً للشك بأن إسرائيل القوة القائمة بالإحتلال مُمعنة في تنفيذ مخطط الضم والتهجير، وطالب المجتمع الدولي بكافة دوله ومؤسساته ومنظماته وفي مقدمتها مجلس الأمن لتحمل مسؤولياتهم التاريخية والسياسية والأخلاقية بالتدخل الفعلي لوقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وخطر وجودي، وإنصافه برفع هذا الظلم التاريخي الواقع عليه، وتمكينه أن يحيا حياة طبيعية وسياسية وإنسانية على أرضه وفي وطنه وفي دولته الملتزمة بالشرعية الدولية، لافتا النظر إلى رفض حكومة فلسطين للإجراء الإسرائيلي التعسفي وغير القانوني، بحظر عمل وكالة الأونروا في فلسطين، مطالبا باستمرارية عملها وتفويضها الدولي بموجب القرار الدولي رقم ( 302) حتى تجد قضية اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً لها بموجب القرار الدولي رقم (194)، ووفقاً لما جاء في المبادرة العربية للسلام.

 

وحرص السفير دياب اللوح التأكيد على أن دولة فلسطين حريصة للعمل بالشراكة الكاملة مع مصر وقيادتها لإنجاح أعمال القمة العربية الطارئة غير العادية التي ستُعقد بعد عدة أيام في القاهرة لوضع خطة واستراتيجية عربية لدعم القضية الفلسطينية والرد على كافة مخططات التهجير، من خلال خطة عربية بديلة مكتملة العناصر والأركان، لإغاثة الشعب الفلسطيني، وإعادة إعمار ما دمرته حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، وتعزيز صموده وبقائه على أرضه، وأن الشعب الفلسطيني شريك أصيل مع الشعوب العربية وشعوب المنطقة والعالم، وأن إنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين وتمكين الشعب الفلسطيني من أن يحيا في دولته، هو مفتاح ومدخل الأمن والاستقرار والسلام العادل والشامل الذين هم جزءٌ لا يتجزأ من الأمن والاستقرار والسلام في العالم، وضرورة فتح أفق سياسي وعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، وبدء مفاوضات سياسية جادة تقوم على أساس المبادرة العربية للسلام، والمرجعيات والقرارات الدولية ذات الصلة وخطة الرئيس الصيني ذات النقاط الأربع للسلام في الشرق الأوسط، تُفضي إلى إنهاء الإحتلال الإسرائيلي وتحقيق أماني وتطلعات الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة للعيش بأمن واستقرار وحرية وكرامة.

 

وأعرب السفير دياب اللوح في كلمته على استعداد وجاهزية السلطة الفلسطينية لتولي كامل مسؤولياتها الوطنية والسياسية في قطاع غزة، باعتبار أن قطاع غزة جزءٌ لا يتجزأ من الجغرافية الفلسطينية واقليم دولة فلسطين، وجزء من النظام السياسي الفلسطيني، وأن الشعب الفلسطيني شعب واحد موحد تحت قيادة واحدة بقيادة السيد الرئيس محمود عباس- رئيس دولة فلسطين، وفي إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في داخل وخارج فلسطين، وأن فلسطين ستعمل بالشراكة الكاملة مع مصر والشركاء الآخرين من الأشقاء والأصدقاء لترتيب البيت الفلسطيني، وتعزيز الوحدة الوطنية، والعمل على أرضية كاملة من الوفاق الوطني الفلسطيني والشراكة الوطنية والسياسية الكاملة، مؤكدا أن اليوم التالي لحرب الإبادة هو شأن فلسطيني- فلسطيني بالشراكة مع الأشقاء العرب.

 

وفي ختام اللقاء أعرب عن تقديره لدور الشقيقة الكبرى مصر قيادة وحكومة وشعبا لجهودها مع الشركاء الآخرين لوقف إطلاق النار، ووقف الحرب، ووضع المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار والازدهار والسلام، عنوانها الأبرز والأهم بقاء المواطن الفلسطيني على أرضه ، مثمنا جهود وحراك كافة مكونات مصر السياسية والحزبية والاجتماعية والفكرية والثقافية والإعلامية، ومثمنا جهود جيش مصر العظيم وشرطتها الباسلة وأجهزتها السيادية، لرعايتها للمصالحة الوطنية- الفلسطينية، وشاكرا وزارة الصحة المصرية، ووزارة التضامن الاجتماعي المصرية، والهلال الأحمر المصري ولمحافظة شمال سيناء، لدورهم الكبير خلال حرب الإبادة الجماعية في استضافة وعلاج الجرحى والمصابين والمرضى من قطاع غزة، ومثمنا جهود الدبلوماسية المصرية بقيادة وزارة الخارجية المصرية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، ووزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والحكومة المصرية بكافة أركانها ووزاراتها ومؤسساتها، ومقدرا الموقف المصري في استضافة عدداً من الأسرى الأبطال المحررين.

زر الذهاب إلى الأعلى