الرئيسيةمقالات الرأي

محمد سلامة يكتب : فاتورة باهظة يتحملها الشعب الايراني نتيجة لتدخل الملالي في سوريا

بقلم : محمد سلامة

انخرط النظام الإيراني بشكل مثير للجدل في سوريا، وادت تلك السياسة الى تكلفة باهظة لتحقيق طموحاته العسكرية، وخلّف آثارًا عميقة على اقتصاد البلاد وحياة مواطنيه.

يسلط هذا التقرير الضوء على التكلفة المالية لهذه السياسات في سوريا، موضحًا العبء الذي تحمله الشعب الإيراني والتداعيات الأوسع لهذه النفقات.

فقد حوّل النظام الإيراني سوريا إلى مركز لتوزيع الأسلحة والذخيرة والقوات إلى جماعات تابعة له في غزة، ولبنان واليمن والعراق. ونتج عن هذه الاستراتيجية نزاعات مستمرة وسفك للدماء، بهدف الحفاظ على بقاء النظام السوري

يرى التقرير ان الأعباء الاقتصادية كانت هائلة، حيث تم تحويل موارد ضخمة من قطاعات حيوية مثل التعليم والرعاية الصحية والصناعة والزراعة لتغطية تلك السياسات.

ولفهم حجم الإنفاق الذي قام به النظام الإيراني في سوريا، يمكن الرجوع إلى الأدلة الموثقة:

1. قروض ودعم مالي غير مصرح به:

   صرّح بهرام بارسائي، وهو برلماني سابق، قائلاً: “خلال فترة وجودي في البرلمان، بلغت ديون بشار الأسد للنظام الإيراني 30 مليار دولار، ولم تتم الموافقة عليها من البرلمان، ما يشكل انتهاكًا للمادة 80 من الدستور.”

2. رواتب نقدية للمقاتلين السوريين:

   وفقًا لتقرير صدر عام 2019 عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تدفع قوات الحرس الإيراني للمقاتلين السوريين 100 دولار شهريًا، ولأولئك في الخطوط الأمامية 150 دولارًا.

3. شحنات النفط إلى سوريا:

   في 14 مارس 1982، أشار علي أكبر هاشمي رفسنجاني في مذكراته إلى منح مليون طن من النفط الخام مجانًا إلى سوريا تحت ذريعة “المشاركة في الجهاد ضد إسرائيل.”

4. مساعدات مالية ونفطية سنوية:

وفقا لوکالة يورونيوز، في 8 ديسمبر 2024: «في 23 مايو 1984، بدأت مناقشة مشروع قانون بيع النفط إلى سوريا في جلسة علنية ببرلمان النظام. وأثناء المناقشة، كشف علي أكبر معين‌فر، عضو البرلمان آنذاك ووزير النفط الأسبق في الحكومة المؤقتة لايران عن حقيقة صادمة، حيث قال إن النظام كان يقدم نحو سبعة ملايين برميل من النفط سنويًا مجانًا وبدون موافقة البرلمان إلى حكومة حافظ الأسد »

5. مليارات الدولارات كمساعدات مالية:

 ذكرت وكالة بلومبرغ الأمريكية، نقلاً عن ستيفان دي ميستورا، المتحدث باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أن النظام الإيراني يقدم سنويًا 6 مليارات دولار كمساعدات مالية لحكومة بشار الأسد. في الوقت نفسه، أشار نديم شهادي، مدير مركز دراسات الشرق المتوسط “فارس”، في تصريحات لبلومبرغ، إلى أن النظام الإيراني قدم بين عامي 2012 و2013 مساعدات عسكرية واقتصادية للنظام السوري تتراوح قيمتها بين 14 و15 مليار دولار.

6. التأثير المالي الأوسع:

  أفادت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية ، نقلاً عن مركز أبحاث تابع لـ دي ميستورا، أن “النظام الإيراني يقدم سنويًا 35 مليار دولار كمساعدات مالية لحكومة بشار الأسد. هذا الرقم يعادل ثلاثة أضعاف الميزانية العسكرية الرسمية للجمهورية الإسلامية”.

7. شهادات برلمانية:

 نقل موقع اعتماد أونلاين،7 مارس 2020عن حشمت الله فلاحت بيشه، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، قوله: «لقد قدمنا لسوريا ما بين 20 إلى 30 مليار دولار، وعلينا استرداد هذه الأموال. هذه الأموال تخص الشعب الإيراني، وقد تم إنفاقها هناك.»

8. العجز التجاري:

موقع “درستي‌سنجي”، 17 ديسمبر 2024: وفقًا لتقرير نشره موقع غرفة تجارة طهران استنادًا إلى بيانات الجمارك الإيرانية، بلغت قيمة التجارة الخارجية بين طهران ودمشق في عامین 2023-2024 حوالي 175 مليون دولار، منها ما يقارب 140 مليون دولار تمثل صادرات إيران إلى سوريا.

9. مشاريع صناعية:

   وذكرت وكالة أنباء “إرنا” في تقرير نشر عام 2006 أن القيمة الإجمالية للمشاريع الصناعية المختلفة التي نفذتها شركات تابعة للنظام الإيراني في سوريا بلغت 900 مليون دولار. تضمنت هذه المشاريع إنشاء مصنع أسمنت، وصوامع خرسانية لتخزين الحبوب، وتطوير وتحديث محطة توليد الكهرباء في بانياس، وإعادة تأهيل مصفاة بانياس، ومشاريع لنقل الطاقة، وخط إنتاج سيارات “سمند”.

وباستخدام الرقم المحافظ البالغ 6 مليارات دولار سنويًا كمساعدات مباشرة لسوريا بين 2012 و2022، یكون النظام الإيراني قد أنفق ما لا يقل عن 60 مليار دولار خلال عشر سنوات.

ولا يشمل ذلك التكاليف الإضافية، مثل شحنات النفط المجانية والاتفاقيات التجارية غير المتكافئة.

أدت إعادة توجيه الموارد للحفاظ على نظام الأسد إلى آثار كارثية على الاقتصاد المحلي الإيراني. الاستثمارات التي كان يمكن توجيهها إلى المدارس والجامعات والمصانع والزراعة والمبادرات البيئية، أُنفقت على حرب خارجية. وقد أدى هذا التوجه إلى تفاقم التضخم والفقر والبطالة وعدم المساواة الاجتماعية.

وتؤكد الإحصائيات الثمن الباهظ لهذه السياسة: تزايد عدد الأطفال العاملين، وتسرب الطلاب من المدارس، وهجرة العقول، إلى جانب توسع العشوائيات.

وهكذا تم التضحية بالاستقرار الاقتصادي الايراني لتمويل انشطة عسكرية خارجية. وبالإضافة إلى الفشل السياسي والاستراتيجي في سوريا، ومع تصاعد الأزمات الداخلية، تزداد المطالب الشعبية بالشفافية والمساءلة، مما يضع النظام الإيراني أمام تحديات غير مسبوقة.

زر الذهاب إلى الأعلى