إنتاج الصين السنوي لسيارات الطاقة الجديدة يتجاوز 10 ملايين سيارة
2024-11-30
بقلم ليانغ سوو لي .. إعلامية صينية
على خلفية التحول الأخضر المتسارع لصناعة السيارات العالمية، صعدت صناعة سيارات الطاقة الجديدة في الصين إلى الصدارة العالمية بمعدل مذهل.
وفي نوفمبر 2024، تجاوز الإنتاج السنوي لسيارات الطاقة الجديدة في الصين حاجز الـ10 ملايين سيارة للمرة الأولى، وهو إنجاز لا يدل فقط على وصول الصين لمستوى جديد من التطور التقني في تلك الصناعة، بل يعكس أيضا تقدما مهما في الجهود العالمية لمواجهة تغير المناخ. بفضل الابتكار التقني وتوسيع السوق، تدفع الصين بقوة نحو نشر استخدام سيارات الطاقة الجديدة، مما يضخ طاقة جديدة في التنمية الخضراء العالمية، ويقدم نموذجًا للعديد من الدول النامية، بما في ذلك الدول العربية، لاستكشاف الطريق إلى التنمية المستدامة.
تظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية أن قطاع النقل أحد المصادر الرئيسية لانبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، حيث يمثل حوالي ربع المجموع.
ولتحقيق هدف الحياد الكربوني المنصوص عليه في اتفاق باريس، فإن التحول في الطاقة في قطاع النقل أمر بالغ الأهمية. وتعتبر سيارات الطاقة الجديدة مفتاحا لتقليل انبعاثات النقل، حيث أن مستوى انتشارها يرتبط بشكل مباشر بتحقيق الأهداف المناخية العالمية. وبمقارنة مع سيارات الوقود التقليدية، يمكن لسيارات الطاقة الجديدة أن تقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 30% لكل كيلومتر مقطوع. وإن الانتشار الواسع النطاق لسيارات الطاقة الجديدة في الصين لا يسرع فقط من تحسين هيكل الطاقة المحلي، بل يوفر أيضًا حلاً نظيفا وفعالا اقتصاديا للنقل على مستوى العالم.
لن تحقق الصين نموا سريعا في صناعة سيارات الطاقة الجديدة بدون التزامها الراسخ بالتنمية الخضراء. وينعكس هذا الالتزام في الممارسات المستدامة لسلسلة الصناعة بأكملها، فمن تصنيع البطاريات إلى بناء البنية التحتية للشحن، تستكشف الشركات الصينية بنشاط طرقًا فعالة لتقليل بصمتها الكربونية. على سبيل المثال، قامت شركة أمبيركس للتكنولوجيا المعاصرة (CATL)، وهي أكبر شركة لتصنيع بطاريات الليثيوم أيون في الصين، بتعزيز استخدام الطاقة النظيفة على نطاق واسع وتحسين تقنيات إعادة تدوير البطاريات، مما زاد بشكل ملحوظ من كفاءة استخدام الموارد الأساسية مثل الليثيوم والكوبالت، وأقامت سلسلة صناعية ذات حلقة مغلقة تتسم بالكفاءة في استخدام الموارد.
يقلل هذا النمط بشكل فعال من استهلاك الموارد في سلسلة الإنتاج ويضع نموذجًا للتنمية المستدامة لصناعة سيارات الطاقة الجديدة العالمية.
وراء تجاوز إنتاج الصين السنوي من سيارات الطاقة الجديدة حاجز الـ10 ملايين، تكمن قدرات الابتكار التقني والدعم السياسي. فمنذ عام 2009، قدمت الحكومة الصينية ضمانة قوية للتنمية النشطة لصناعة سيارات الطاقة الجديدة من خلال سلسلة من التدابير مثل الإعانات المالية وتمويل البحث والتطوير وبناء البنية التحتية.
وفي الوقت نفسه، أدى النمو السريع للطلب في السوق المحلية إلى تحقيق تأثيرات الحجم، مما جعل الصين أكبر دولة في العالم من حيث إنتاج سيارات الطاقة الجديدة وتصديرها. وقد أدت المزايا التقنية التي تتمتع بها الصين إلى خفض تكلفة سيارات الطاقة الجديدة بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، مما أتاح المزيد من الفرص للدول النامية لتحقيق التحول الأخضر.
ويلعب دخول سيارات الطاقة الجديدة الصينية إلى الأسواق العالمية دورًا مهمًا في تعزيز تحول الطاقة في مجال النقل في الدول العربية. وفي السنوات الأخيرة، تحول الدول العربية تركيزها في مجال الطاقة من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء تدريجيا، حيث أصبحت سيارات الطاقة الجديدة جزءاً مهماً من هذا التحول، وتشارك شركات صينية مثل BYD في بناء وسائل النقل الخضراء في الدول العربية بفضل قوتها التقنية وميزتها في سلسلة التوريد.
في المملكة العربية السعودية، تعمل شركة BYD مع شركات محلية لترويج مشروع حافلات وسيارات الأجرة الكهربائية، مما يقلل من انبعاثات الكربون في مدن مثل الرياض وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري.
ولا تتماشى هذه المشاريع بشكل كبير مع أهداف التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة في “رؤية 2030” السعودية فحسب، بل اكتسبت أيضًا خبرات قيمة لبناء البنية التحتية الخضراء في المدن السعودية.
كما تعمل مصر أيضًا على تسريع وتيرة إدخال السيارات الكهربائية في السنوات الأخيرة، وأصبح التعاون مع الشركات الصينية جزءًا مهمًا من هذا الجهد. وتعاونت شركة BYD مع الحكومة المصرية لإطلاق مئات الحافلات الكهربائية في القاهرة والإسكندرية، وتخطط أيضا لإنشاء نظام الإنتاج والصيانة المحلي في مصر لدعم تطوير صناعة السيارات الكهربائية.
وتتعاون مجموعة بايك الصينية مع مصر لبناء مصنع لتصنيع السيارات الكهربائية، والذي من المتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2025، وستصل الطاقة الإنتاجية السنوية المخطط لها إلى 20 ألف سيارة في العام الأول، على أن يتم رفعها إلى 50 ألف سيارة في غضون خمس سنوات.
وتساهم هذه المشاريع في تقليل اعتماد مصر على النفط المستورد، وتخلق أيضًا عددًا كبيرًا من فرص العمل المحلية وتعزز التطبيق المحلي لتقنيات الطاقة الجديدة.
إن نمط التعاون هذا الذي يجمع بين تصدير التقنية والإنتاج المحلي لا يحسن التطوير المستدام في مجال النقل في الدول العربية فحسب، بل يوفر أيضًا دعمًا مهمًا لتعديل هيكل الطاقة والتحول الأخضر، مما يساعدها على تحقيق تنمية مستقبلية أكثر استدامة.
وقد أثبتت الممارسات الصينية أن التنمية الخضراء ليست مجرد مفهوم، ولكنها أيضا حقيقة قابلة للتحقيق. ومن خلال الابتكار التقني والتعاون الدولي، تعمل الصين على تحويل مفاهيم التنمية الخضراء إلى إجراءات ملموسة، مما يساهم في تحقيق الأهداف العالمية لخفض الانبعاثات، ويوفر أيضًا مرجعًا مفيدًا للدول النامية الأخرى لاستكشاف مسارات التنمية المستدامة.
حققت الصين إنجازات كبيرة في صناعة سيارات الطاقة الجديدة، من المستوى المحلي إلى العالمي، ومن الابتكار التقني إلى التعاون والمشاركة. وهذا يظهر كيفية إيجاد توازن مثالي بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة. وفي مواجهة التحدي المشترك المتمثل في تغير المناخ العالمي، أصبحت تجربة الصين العملية محركًا قويًا للتنمية المستدامة على نطاق عالمي، مما يوفر إمكانيات غير محدودة لبناء مستقبل نظيف وفعال.