الرئيسيةمقالات الرأي

مصر بوابة الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية

مصر بوابة الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية

إن القمة العادية الـ 38 للاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التى اختتمت أعمالها أمس الأحد بحضور قادة الدول الأفريقية وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية


، أكدت على قوة الاتحاد حيث أبرزت دعمها للقضية الفلسطينية ورفض تهجير الشعب الفلسطينى من قطاع غزة ، وأنه مخالف للقانون الدولي وتشدّيدها على رفض انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى للقانون الدولي واستهداف المدنيين والبنية التحتية، وتأكيدها على أن حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار.

كما أكدت على عدة قضايا حيوية، منها تقارير مجلس السلم والأمن ، والتطورات في مشروع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية و الإصلاحات المؤسسية والتكامل الاقتصادي، كذلك بحثت سبل تعزيز التعاون بين الاتحاد الأفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية . إضافة إلى موضوع السنة 2025 والمتمثل في “العدالة للأفارقة وللمنحدرين من أصل إفريقي من خلال التعويضات”.

وحظى التكامل الاقتصادي بمساحة واسعة من النقاشات، حيث تم استعراض تقرير حول تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، لتعزيز التجارة البينية وزيادة الاستثمارات المشتركة في القارة.

ووجه الرئيس الصينى شي جين بينغ رسالة تهنئة إلى القمة الـ 38 للاتحاد الإفريقي، خلال انعقادها لتقديم التهنئة للدول والشعوب الأفريقية. مشيراً في رسالته، إلى أنه خلال العام الماضي، قاد الاتحاد الأفريقي و الدول الأفريقية بوحدة للاستجابة بنشاط للتحديات الإقليمية والعالمية، وعزز مكانة إفريقيا ونفوذها الدوليين باستمرار. وتمنى شي للدول والشعوب الأفريقية نجاحا جديدا وأكبر على طريق الاستقلال والتنمية والنهضة.

وشدد شي على أن عام 2024 هو عام التنمية القوية للعلاقات الصينية الأفريقية. حيث عقدت قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي بنجاح، مما يمثل بداية مرحلة جديدة للصين وأفريقيا لبناء مجتمع مصير مشترك صالح في جميع الأحوال في العصر الجديد.

وقال شي إنه على استعداد للعمل مع القادة الأفارقة لتعزيز تنفيذ المقترحات الرئيسية الستة و “إجراءات الشراكة العشرة” للتحديث المشترك بين الصين أفريقيا، وتحقيق المزيد من النتائج الملموسة لصالح أكثر من 2.8 مليار مواطن صيني وأفريقي.

وأكد أن العلاقات الثنائية بين الصين وجميع دول إفريقيا التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين ارتقت إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية.

وأعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ ، 10 إجراءات شراكة للتحديث من أجل تعميق التعاون الصيني-الإفريقي خلال السنوات الثلاث القادمة.

وفي حقيقة الأمر، فإن الإهتمام الصينى بالقارة السمراء لم يكن حديثاً، وإنما بدأ منذ مؤتمر باندونج عام 1955، والذي مثّل فرصة سانحة للصين للتعرف على أفريقيا، وكان الرئيس الراحل ”جمال عبدالناصر“ أكثر قادة أفريقيا تجاوباً مع ”شوان لاى“ رئيس الوزراء الصيني – آنذاك – وفي الوقت نفسه وجد عبد الناصر فى مؤتمر باندونج ولقاءاته مع ”شوان لاى، نهرو، وسوكارنو“ وغيرهم، مخرجا مهما للخروج من الحصار المفروض على مصر، وفرصةً للانطلاق والانفتاح على العالم الآفروآسيوى. ومن هنا تم الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية، وأقامت مصر معها علاقات دبلوماسية، وأصبحت مصر النافذة وحلقة الاتصال بين جمهورية الصين الشعبية وقارة أفريقيا والدول العربية.

فقد كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تعترف بالصين الشعبية، وتُقيم علاقات دبلوماسية معها. فكان لمصر الدور الريادي في علاقات الصين بأفريقيا، من خلال إقامة العلاقات بين البلدين عام 1956، وهو التاريخ الذي تتخذه الصين للتأريخ للعلاقات بينها وبين القارة السمراء.

أما عن علاقات مصر بأفريقيا، فتمتلك مصر دوراً هاماً منذ تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، وكان لها دورًا رئيسًا في دفع مسيرة التعاون الإفريقي على مختلف الأصعدة، وشرفت مصر بتحمل مسئولية رئاسة المنظمة بمسماها القديم والحديث، (منظمة الوحدة الإفريقية – الاتحاد الإفريقي) أربع مرات خلال أعوام 1964 و1989 و1993، و2019، ما يشير إلى عزم مصر وإصرارها على استمرار دورها الريادي في إفريقيا.

ومصر سباقة دائماً فى طرح المبادرات التى تهم القارة الأفريقية، مثل المبادرة الخاصة بشطب ديون القارة الأفريقية والتى أُطلق عليها مبادرة «تحالف الديون المستدامة»، لتحويل أعباء الديون بالبلدان النامية إلى حلول مستدامة للتعافي الأخضر، والتى طرحتها مصر فى العديد من المحافل الدولية، ودعت الدول والمؤسسات المالية للانضمام لهذه المبادرة، وإنشاء إطار مشترك لتنظيم معاملات الديون المستدامة، وقد حظيت المبادرة المصرية بتأييد ودعم الكثير من الدول الأفريقية.

ودائما ما يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أهمية التعاون بين الصين وأفريقيا كمثال يحتذى به للتعاون الفعال والبناء بين الدول النامية ونموذج فاعل لأطر التعاون الأفريقي متعددة الأطراف، فضلا عن مواصلة مصر العمل على تعزيز وتفعيل الشراكة بين الصين وأفريقيا، “لأنها شراكة تتسم بالفعالية والمصداقية وتقوم المنفعة المتبادلة والمكاسب المشتركة”. وكانت مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق الصينية وشاركت فيها. وتعد مصر بما تضم من موقع جغرافي متميز وممر ملاحي هام مثل قناة السويس نقطة رئيسية على الحزام الاقتصادي لطريق الحرير.

وبدوره، يدعو الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى تعزيز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية وربط مبادرة الحزام والطريق الصينية بأجندة الاتحاد الأفريقي 2063 والاستراتيجيات التنموية للدول الأفريقية. وطرح في هذا الصدد 8 مبادرات لاقت الاستحسان لدفع هذه الأهداف التي ينتظر أن تعزز التنمية والسلم والأمن في القارة الأفريقية، بحسب الخبراء والمراقبين.

دائما تكون الأرقام والحقائق هي المؤشر الأساسي في حجم العلاقات بين الدول، فنجد نمو حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا، لتصبح الصين أكبر شريك تجاري لإفريقيا، فقد شهدت السنوات الأخيرة توسعا في حجم ونوعية التجارة بين الصين والقارة السمراء، ووفقا لمؤشر التجارة الصيني الإفريقي الذي صدر لأول مرة في عام 2023، ارتفعت قيمة واردات وصادرات الصين من وإلى إفريقيا من أقل من 100 مليار يوان (نحو 14 مليار دولار أمريكي) في عام 2000 إلى 1.88 تريليون يوان (نحو 263 مليار دولار أمريكي) في عام 2022، بزيادة تراكمية بنحو 20 مرة، أما في عام 2023 فقد بلغ حجم التجارة بين الصين وأفريقيا 282.1 مليار دولار أمريكي بزيادة سنوية قدرها 1.5%، كما زادت واردات الصين من الخضروات والفواكه من إفريقيا بنسبة 130% و32% و14% و7% على التوالي على أساس سنوي، فيما ارتفعت الصادرات الصينية من السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم والمنتجات الكهروضوئية إلى القارة السمراء بنسبة 291% و109% و57% على التوالي على أساس سنوي، مما يدعم بقوة التحول الأخضر في إفريقيا.

وإنه حتى نهاية يونيو 2024، فرضت الصين تعريفات جمركية صفرية على 98 % من المنتجات الخاضعة للتعريفات الجمركية من 27 دولة إفريقية أقل نموا، ووقعت اتفاقيات ثنائية لتعزيز وحماية الاستثمار مع 34 دولة إفريقية، ووقعت اتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي مع 21 دولة إفريقية.

أما في مجال البنية التحتية، فقد نفذت الشركات الصينية مشروعات متعددة من بينها منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة وقطار السكك الحديدية الخفيف في مدينة العاشر من رمضان، وجسر السكة الحديد الدوار لقناة السويس، ومحطة أبو قير، وتحديث شبكة الكهرباء الوطنية، ومنها محطة كوم أمبو للطاقة الكهروضوئية بقدرة 500 ميجاوات ومحطة طاقة الرياح بخليج السويس بقدرة 500 ميجاوات التي بنتها الشركات الصينية وهي حاليًا أكبر المشروعات الفردية من نوعها في مصر، فضلا عن ذلك ساعد المركز المصري لتجميع الأقمار الصناعية واختبار تكاملها بدعم الصين، في أن تصبح مصر أول دولة في أفريقيا تتمتع بقدرات اختبار تجميع وتكامل الأقمار الصناعية .

وتنعكس الشراكة الاستراتيجية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية الصين الشعبية، على التعاون المشترك الصينى الأفريقى في العديد من المجالات من أجل التنمية المشتركة ، والتي شهدت توقيع العديد من وثائق التعاون المشترك.

وتتعاظم أهمية التعاون المشترك بين الجانبين تحت مظلة بنك التنمية الجديد التابع لتجمع دول “بريكس”، والذي يخلق شراكات بناءة وفعالة بين الدول النامية والناشئة، لدفع جهود التنمية العالمية وتعزيز عملية تبادل الخبرات والتجارب التنموية، خاصة في ظل المبادرات التي تتبناها جمهورية الصين وعلى رأسها مبادرة “الحزام والطريق”، ومبادرة التنمية العالمية، والتي تتسق في العديد من محاورها مع أولويات التنمية في مصر.

خاصة أن الصين تصنف الأولى على مستوى العالم بالصناعة ويقدر حجم قوتها الصناعية بـ 7 تريليون دولار، وهو ما يحقق المزيد من المصالح المشتركة لجميع الأطراف، وسوف يحقق طفرة في الصناعة بالدولة المصرية والقارة الأفريقية ، كما أن مصر تعد مركز لوجيستي عالمي لكل المواد الخام والمعادن النفيسة.

وهو ما يؤكد أن مصر تعد بوابة الصين لقارة أفريقيا على مستوى التجارة والاستثمار والصناعة وأن هناك المزيد من فرص التعاون المتاحة بين الجانبين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى