عرب وعالم

لقاء مرتقب بين ترامب وبوتين بالسعودية برعاية الأمير محمد بن سلمان

مريم عامر

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيعقد اجتماعه الأول مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في السعودية، وذلك في خطوة مفاجئة في إطار جهود دولية لوقف النزاع المستمر بين روسيا وأوكرانيا.

 

وجاء هذا الإعلان بعد مكالمة هاتفية مطولة بين الزعيمين، تم خلالها الاتفاق على بدء مفاوضات سلام فورية بين موسكو وكييف.

 

اتفاق على بدء المفاوضات

خلال حديثه مع الصحفيين في البيت الأبيض، قال ترامب: “سنلتقي في السعودية”، مشيرًا إلى أن هذه القمة المرتقبة تهدف إلى إيجاد حل للنزاع الأوكراني. وأضاف أن المكالمة الهاتفية التي جمعته ببوتين كانت إيجابية للغاية واستمرت لأكثر من ساعة.

 

وأوضح ترامب أنه “واثق من أن بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا فورًا”. وأشار إلى أن الرئيس الروسي لم يكن مهتمًا بالسعي للسلام خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، لكنه الآن يبدو منفتحًا على إيجاد تسوية سياسية للصراع.

 

موقف ترامب من أوكرانيا وحلف الناتو

 

وفي تصريحات لافتة، قال ترامب إنه لا يرى أن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) خيارًا عمليًا في هذه المرحلة. كما أعرب عن تشككه في قدرة كييف على استعادة جميع أراضيها التي سيطرت عليها روسيا منذ بداية الحرب في فبراير 2022.

 

وأضاف: “من غير المرجح أن تستعيد أوكرانيا كل أراضيها، لكننا نأمل في وقف لإطلاق النار في المستقبل القريب”.

 

كما أكد ترامب أن الاجتماع المرتقب في السعودية سيضم أيضًا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يُعتقد أنه سيلعب دورًا مهمًا في الوساطة بين الأطراف المعنية.

 

إعلان عن أول اتصال مباشر بين بوتين وترامب منذ 2022

 

كان ترامب قد أعلن في وقت سابق عبر منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشيال” أنه أجرى مكالمة مع بوتين يوم الأربعاء، بحثا خلالها إمكانية بدء مفاوضات سلام فورية. ويعد هذا أول اتصال مباشر معلن بين رئيس أميركي وبوتين منذ فبراير 2022، عندما اندلعت الحرب في أوكرانيا.

الرئيس الأوكراني

وفي منشوره على منصته، قال ترامب: “اتفقنا أيضًا على أن تبدأ فرقنا المفاوضات على الفور، وسنقوم بالاتصال بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإبلاغه بما دار في المحادثة، وهو ما سأفعله الآن”.

 

رد فعل الكرملين

من جانبه، أكد الكرملين أن المحادثة الهاتفية بين ترامب وبوتين استمرت نحو ساعة ونصف، حيث ناقش الزعيمان سبل إنهاء الحرب الأوكرانية بطرق دبلوماسية.

 

وصرّح المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، للصحفيين قائلًا: “أكد الرئيس بوتين على ضرورة معالجة الأسباب العميقة للنزاع، واتفق مع الرئيس ترامب على إمكانية إيجاد حل طويل الأمد من خلال مفاوضات السلام”.

القضايا الكبرى

يشير الإعلان عن عقد اللقاء في السعودية إلى دور متزايد للرياض في جهود الوساطة الدولية، لا سيما في القضايا الكبرى مثل الحرب الأوكرانية. وتتمتع المملكة بعلاقات جيدة مع كل من روسيا والولايات المتحدة، مما يجعلها طرفًا محايدًا يمكنه تسهيل المفاوضات بين موسكو وكييف.

 

ومن المتوقع أن يتم تحديد موعد القمة خلال الأيام المقبلة، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لإيجاد حل دبلوماسي للصراع الذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات.

 

المملكة العربية السعودية

 

وأشادت المملكة العربية السعودية، بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأمريكي، دونالد ترامب، والروسي، فلاديمير بوتين، وما تم الإعلان عنه من إمكانية عقد قمة تجمع بينهما في المملكة.

 

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان: “تشيد المملكة العربية السعودية بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي دونالد جي ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتاريخ 12 فبراير 2025، وما تم الإعلان عنه من إمكانية عقد قمة تجمع فخامتيهما في المملكة العربية السعودية”، طبقا لما أوردت وكالة الأنباء السعودية “واس”.

 

وأضافت وزارة الخارجية السعودية في بيانها: “وتعرب المملكة عن ترحيبها بعقد القمة في المملكة”، وتؤكد “استمرارها في بذل جهودها لتحقيق سلام دائم بين روسيا وأوكرانيا التي بدأت منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية”.

 

ومضت الخارجية السعودية قائلة إن “الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أبدى خلال اتصاله في الثالث من مارس 2022، بكل من الرئيس فلاديمير بوتين، والرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي استعداد المملكة لبذل مساعيها الحميدة للوصول إلى حل سياسي للأزمة. وقد واصلت المملكة خلال الثلاث سنوات الماضية هذه الجهود بما في ذلك استضافة المملكة للعديد من الاجتماعات بهذا الخصوص”

 

وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيلعب دورا في المناقشات، وقال إن موعد هذا الاجتماع “لم يتم تحديده”، لكنه أشار إلى أنه قد يكون “في المستقبل غير البعيد”.

 

ويرى نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، بول سالم، أن اختيار السعودية كموقع محتمل لعقد لقاء ترامب-بوتين، يعود إلى توفيرها مكانا محايدا.

 

ويضيف سالم في حديث لبي بي سي عربي إن الأمر كان ممكنا في أوروبا الغربية، لكنّ الأجواء اليوم غير حيادية في الموضوع الأوكراني-الروسي تحديدا، فضلا عن أن السعودية من خلال علاقاتها القوية مع ترامب وإدارته الأولى والحالية، وعلاقاتها القوية أيضا مع بوتين، تشكّل مكانا ممكنا للاجتماع بعيدا عن التجاذبات الموجودة في أوروبا.

 

وأشار الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية ، إلى أن جنيف أو غيرها من المدن الأوروبية المحايدة كانت تُختار عادة لمثل هذه الاجتماعات، لكنّ تدهور صلات موسكو مع سويسرا وتغير مواقف بعض الدول الأوروبية، جعلا هذا الاختيار أكثر ترجيحا، ولا سيما أن السعودية نجحت في نسج علاقات ثقة ومصالح متبادلة مع بوتين، فضلا عن أنها ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية.

 

خاصة أنه في عام 2023 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين، وذلك بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.

 

وبحسب بعض المتابعين، باستطاعة بوتين السفر إلى السعودية لإجراء محادثات دون المخاطرة بتوقيفه.

 

في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال المطروح: هل سينجح ترامب في تحقيق اختراق دبلوماسي وإنهاء الحرب الأوكرانية، أم أن العقبات السياسية والميدانية ستُعرقل جهوده؟ وما هو موقف أوكرانيا من هذه التحركات، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية على الأرض؟

 

الأسابيع القادمة قد تحمل إجابات لهذه الأسئلة، فيما يترقب العالم تفاصيل أكثر حول القمة المرتقبة بين ترامب وبوتين في السعودية.

زر الذهاب إلى الأعلى