كلمة السفير الصيني بالقاهرة في منتدى الحوار التحديث الصيني النمط والعالم

دعاء زكريا
أكد السفير الصيني بالقاهرة لياو لي تشيانغ في كلمته التي إلقاها في منتدى حوار القاهرة التحديث الصيني النمط والعالم الذي أقيم اليوم بتنظيم من وكالة الأنباء الصينية شينخوا حيث
قال يسعدني كثيرا أن أحضر “منتدى هونغتينغ—حوار القاهرة”، وأتقدم بخالص الشكر إلى المقر الإقليمي لوكالة أنباء شينخوا في الشرق الأوسط على تنظيم هذا الحدث. في ظل الوضع الدولي الذي تتزايد فيه الاضطرابات والتقلبات، تكتسب المناقشة حول “الخبرة القيمة التي يقدمها التحديث الصيني النمط للعالم” أهمية واقعية بالغة.
إن التحديث الصيني النمط هو الطريق الصحيح الوحيد الذي توصل إليه الحزب الشيوعي الصيني وأبناء الشعب الصيني من كافة القوميات بعد اكتشافات وممارسات طويلة الأمد من أجل بناء دولة قوية وتحقيق نهضة الأمة. على هذا الطريق، ترفع الصين عاليا راية السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك، وتواكب تيار العصر المتمثل في التعددية القطبية والعولمة الاقتصادية والتنوع الحضاري، وأطلقت مسيرة جديدة لكافة الدول نحو مستقبل مشرق وبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. في الوقت نفسه، على خلفية التغيرات غير المسبوقة منذ مائة عام، يواجه المجتمع الدولي صدمات خطيرة ناتجة عن الأحادية والهيمنة، التي تحاول عرقلة تنمية الصين عن طريق الحروب الجمركية والتجارية، الأمر الذي يهدد بالنمو الشامل للاقتصاد العالمي. لذلك، اتخذت الصين إجراءات مضادة حازمة، وعبرت عن موقفها الثابت. في هذا السياق، يسأل الأصدقاء المصريون، هل تستطيع الصين مواجهة هذه التحديات؟ وما هو مستقبل التعاون الصيني المصري؟ وجوابي هو: إن تيار العالم والتاريخ يتقدم إلى الأمام، والتنمية في الصين تساهم في تعزيز قوة السلام والتقدم في العالم، والتحديث الصيني النمط يعد فرصة ثمينة للعالم. بهذه المناسبة، أود أن أتحدث عن النقاط التالية.
أولا، إن التحديث الصيني النمط تيار لا يقاوَم.
في عام 2024، وتحت قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ونواتها الرفيق شي جين بينغ، حقق الاقتصاد الصيني نموا بمعدل 5%، أي 900 مليار دولار، وساهم بنحو 30% من نمو الاقتصاد العالمي، وحافظت الصين على مكانتها كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي العالمي. في تقرير عمل الحكومة، حددت الصين هدف النمو الاقتصادي للعام الجاري على مستوى 5%. خلال الربع الأول من العام الجاري، حققت الصين نموا بمعدل 5.4% على أساس سنوي، مما جعلها تحتل المراكز المتقدمة بين الاقتصادات الرئيسية في العالم. وتمتلك الصين اليوم الميزة المؤسسية المتمثلة في نظام اقتصاد السوق الاشتراكي، وميزة الطلب الناتجة عن سوقها الضخمة، وميزة العرض الناتجة عن منظومتها الصناعية المتكاملة، وميزة الكفاءات المتمثلة في العدد الكبير من الأيدي العاملة ورجال الأعمال عالية الجودة، لذلك تمتلك الصين الأساس المتين والقدرة الكافية على مواجهة جميع المخاطر والأزمات. وتشهد الصين اليوم ازدهارا للصناعات الجديدة، مثل الروبوتات البشرية، والنموذج الكبيرة للذكاء الاصطناعي DeepSeek، ولعبة إلكترونية “الأسطورة السوداء: ووكونغ” ورحلات الفضاء التجارية، الأمر الذي يعكس بجلاء حيوية القوة الإنتاجية الجديدة في دفع التنمية عالية الجودة. وإن الصين اليوم، بفضل القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني وتضامن أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، قادرة على تركيز قوتها على إنجاز مشاريع كبرى، وأظهرت قدرة التعبئة القوية والميزة المؤسسية، سواء كان في عملية مكافحة الفقر أو في مجالات الابتكار العلمي والتنمية الخضراء. ولدينا الشجاعة والثقة والقدرة على تحقيق أهداف التنمية المحددة.
ثانيا، إن عملية الانفتاح على الخارج تزدهر في الصين.
تكون الصين أكبر شريك تجاري لأكثر من 150 دولة ومنطقة، ووقعت على 23 اتفاقية التجارة الحرة مع 30 دولة ومنطقة. ولا تشكل الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة إلا 14.7% من الصادرات الصينية الإجمالية، وأكثر من 80% من صادراتها كانت إلى البلدان الأخرى في العالم. وفقا للتوجيهات المهمة الصادرة عن الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، ستواصل الصين الانفتاح على الخارج على مستوى عال، وستعمل على تعزيز التعاون مع دول العالم، وزيادة التجارة والاستثمار المتبادل، والحفاظ على سلاسل الصناعة والإمداد، وفتح سوق أوسع ومساحة أكبر للتنمية. بالنسبة إلى التعاون الصيني المصري، بفضل القيادة الاستراتيجية للرئيس شي جين بينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، تبقى الصين كأكبر شريك تجاري لمصر لـ13 عاما متتاليا، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي 17.4 مليار دولار، بزيادة 10% على أساس سنوي، وتعد الصين من أنشط المستثمرين وأسرعهم نموا في مصر. وفقا لإحصاءات الجانب المصري، بلغت الاستثمارات الصينية التراكمية في مصر 9 مليارات دولار لغاية نهاية العام المالي 2023/2024، وتوجد أكثر من 2000 شركة ممولة جزئيا أو كليا من قبل الصين مسجلة في مصر، الأمر الذي يجسد دعم الصين الكبير للعملية الصناعية في مصر. في السنوات الأخيرة، أقيمت في مصر مراسم وضع حجر الأساس لعديد من المشاريع الصينية،
وأشار السفير انه تم استخدام القروض بالعملة الصينية للمرة الأولى في منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني المصري، ونجد عددا متزايدا من السيارات الصينية في شوارع مصر، وشُحنت الفواكه المصرية بأشكال مختلفة إلى السوق الصينية… كما يشهد التعاون الصيني العربي في كافة المجالات زخما جيدا، ويعمل الجانبان على إقامة “معادلات التعاون الخمس” التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، لاستقبال القمة الصينية العربية الثانية في العام المقبل. أنا على يقين، بفضل جهودنا المشتركة، سيحقق الجانبان المزيد من الإنجازات في عملية التحديث والتعاون في بناء “الحزام والطريق”، وتحويل التحديات الحالية الناجمة عن الوضع التجاري المتوتر إلى فرص للصين ومصر وغيرها من الدول العربية في تعميق التعاون وتحقيق التنمية المشتركة.
ثالثا، إن الشكل الجديد للحضارة البشرية ينير الطريق المستقيم.
لقد خلق التحديث الصيني النمط شكلا جديدا للحضارة البشرية، الذي يتميز برؤية فريدة للعالم، ويسعى إلى وئام العالم بدلا من اللعبة الصفرية. ظلت الصين تربط مستقبلها مع مستقبل شعوب العالم، وتتفاعل مع العالم لتحقيق التنمية المشتركة. في مواجهة التنمر الجمركي، ردت الصين بحزم، وذلك لا يهدف فقط إلى الحفاظ على مصالحها المشروعة، بل للحفاظ على المصالح المشتركة للدول النامية الغفيرة وغيرها من دول العالم، وكذلك للدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين. وستلتزم الصين كالمعتاد بمبادئ التجارة العالمية وقواعد السوق، وهذا يعكس الأهمية العالمية للتحديث الصيني النمط، وكذلك لمجتمع المستقبل المشترك. وتمر العلاقات بين الصين ومصر وبين الصين والدول العربية بأفضل مراحلها في التاريخ، ونهدف إلى خلق مستقبل مشترك، فأصبح التضامن بيننا أكثر أهمية من أي وقت مضى. ويصادف هذا العام الذكرى الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة، وانتصار شعوب العالم في الحرب العالمية ضد الفاشية. كما قاله الرئيس شي جين بينغ إن القارب الصغير لا يصمد أمام العواصف والأمواج، وسفينة التعاون الكبيرة يمكن أن تصل إلى أماكن بعيدة. في هذا السياق، نحن على استعداد للعمل مع مصر وغيرها من الدول العربية للحفاظ على المنظومة الدولية المتمحورة على الأمم المتحدة، والنظام الدولي القائم على القانون الدولي، والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على ميثاق الأمم المتحدة، وندعو إلى تكريس التعددية القطبية القائمة على المساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية القائمة على الشمول والمنفعة للجميع، وسنعمل بقصارى جهدنا على بناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين ومصر، وبين الصين والدول العربية، والسعي وراء التقدم المشترك للبشرية والتنمية الأكبر للعالم.
وأكد السفير الصيني ان الجبال لا تستطيع عرقلة الأنهار. يعتقد الرأي العام الدولي أن صورة الصين ترسخت في أذهان الناس كمدافع عن التجارة الحرة ومصالح الدول النامية في ظل الاضطرابات العالمية. وأثبتت الصين للعالم بأفعالها أنها شريك موثوق به يمكن العمل معه لتحقيق الازدهار. فنرحب بأصدقائنا من الصحافة لزيارة الصين، واستخدام عدساتكم وأقلامكم لنقل قصص التحديث الصيني النمط، ونقل قصص التعاون بين الصين ومصر وبين الصين والدول العربية في بناء “الحزام والطريق” ومجتمع المستقبل المشترك، ونقل الثقة والقوة للتضامن والتعاون في مواجهة التحديات العالمية.