مصر

بعد جدل هلال عيد الفطر.. هل يتأخر موعد شهر ذى القعدة بعد اكتمال رمضان 30 يوما؟..

وكيف يتم حساب بدايات الأشهر الهجرية؟.. وما أهمية التنسيق مع دار الإفتاء لرصد الأهلة والفرق بين الرؤية البصرية والشرعية؟

 

كتبت :إيمان خالد خفاجي

حالة من الجدل والصخب شهدتها الفترة الماضية مع نهاية شهر رمضان المبارك لعام 2025 ، كان السبب فيها الاختلافات فى تحديد موعد هلال شوال وأول أيام العيد ففى الوقت الذى كشف فيه معهد الفلك موعد ميلاد الهلال وأول أيام العيد فلكيا، خرج علينا مركز الفلك الدولى ليجزم بعدم استحالة رؤية الهلال حتى باستخدام أحدث التلسكوبات .

الجدل الذى دار ليس بجديد فما بين العالم والآخر تختلف الدول العربية فى تحديد بدايات الأشهر الهجرية خاصة الأشهر المهمة مثل هلال شوال وأول أيام عيد الفطر ، وهلال ذو الحجة وموعد أول أيام عيد الأضحى .

هلال ذو القعدة هل يتأخر موعده
ويتساءل البعض بعد اكتمال شهر رمضان، هل يتأخر موعد شهر ذو القعدة ، وهو ما كشف عنه الدكتور محمد غريب أستاذ أبحاث الشمس بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، موضحا أن شوال سيكون بذلك 29 يوما .

وأضاف أستاذ أبحاث الشمس، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، أن يوم الرؤية سيختلف، وستكون هناك فترة مكث كافية لرصد الهلال ، وفلكيا غرة شهر ذو القعدة 1446هـ فى موعدها يوم الثلاثاء 2025/4/29م.

رؤية الأهلة
رؤية الهلال الجديد تعتبر أساسا لحساب وتحديد بدايات الشهور الهجرية في مقدمة المهام الخدمية للمعهد، و يقوم المعهد القومى للبحوث الفلكية، بإجراء الحسابات الفلكية اللازمة لتحديد إمكانية رؤية الهلال الجديد بعد غروب شمس يوم 29 من كل شـهر هجري ( يوم الرؤية).

الحديث النبوي الشريف جاء فيه : (الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما). وفي حديث غيره: ( لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له)، وفي حديث آخر : ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له).

الحسابات تتطلب إثبات وقائع فلكية معينة، للتأكد من ولادة الهلال الجديد، من هذه العوامل حساب وقت الاقتران بين الشمس والقمر والأرض، بمعنى اجتماع الشمس والقمر في اتجاه واحد بالنسبة إلى الأرض، ويكون القمر محاقاً في هذا الوضع بطبيعة الحال لذلك، يصعب تحديد حالة الاقتران بالأرصاد العملية، ولكن يمكن تحديدها ـ وبدقة كبيرة ـ بواسطة الحساب الفلكي، مشيرا إلى أن رؤية الهلال الجديد من أصعب الأرصاد الفلكية، فالهلال الجديد يولد بعد فترة من حدوث الاقتران، تتراوح بين 6 و16 ساعة، وبذلك يكون موضعه على صفحة السماء بالقرب من قرص الشمس، وقد تطمسه الشمس كما تطمس النجوم نهاراً، وتستحيل رؤيته في هذه الحالة.

علينا أن ننتظر حتى تغرب الشـمس ونبحث عن الهلال الجديد، إذا كان موجودا لفترة زمنية كافية لتتبعه ورصـده قبل غروبه، ومن هنا تأتي أهمية الحساب الفلكي للاستعداد لعملية الرؤية، حيث يتم حساب فترة بقاء الهلال أو مكثه على صفحة السماء بعد غروب شمس يوم 29 من الشهر السابق (يوم الرؤية) وكذلك الإحداثيات الفلكية لموقع الهلال الجديد بالنسبة إلى قرص الشمس حتى يركز المشـاهد فقط على الناحية التي يتوقع ظهور الهلال فيها بالنسبة إلى قرص الشمس أثناء الغروب؛ وبذلك لا يضيع الوقت سدى في البحث عن الهلال في اتجاهات خاطئة.

مشاهدة القمر بالعين المجردة
ومشاهدة الهلال بالعين المجردة أو باستخدام وسائل مساعدة للعين، مثل المنظار الفلكي، تعتمد أساساً على شرطين أساسين، أولهما ميلاد الهلال قبل غروب الشمس بفترة زمنية كافية لرصده بعد غروبها يوم تحري الهلال، وهذا الأمر يتحدد وبدقة كافية عن طريق الحساب الفلكي، وثانيهما السطوع النسبي للهلال الجديد، مقارنة بلمعان شفق السماء، الذي ينجم عن تشتت ضوء الشمس بعد غروبها بواسطة الغلاف الجوي للأرض، فإذا كان الهلال الجديد باهتا بالنسبة إلى ضوء الشفق، عندئذ يغمره ضوء الشفق وتستحيل رؤيته، أما إذا حدث العكس أي إن سطوع الهلال .

قد يتساوى سطوع الهلال مع ضوء الشفق وتصعب الرؤية أيضاً لهذا السبب؛ ولذلك فإن الحسابات الفلكية قد تقطع بوجود الهلال فوق الأفق عند غروب الشمس في يوم الرؤية، ولكنها لا تضمن رؤية الهلال لعوامل جوية فيزيائية بحتة، مثل شفافية الكتل الهوائيــة ومدى تأثرها بالعوالق الجوية، مثل الأتربة والأدخنة والأبخرة.

وللإقلال من هذه العوامل المعوقة، يتحتم رصد الهلال من أماكن مرتفعة وبعيدة عن مصادر التلوث الجوي والضوئي، وعبر تاريخ المعهد الطويل، الذي يربو على مائة عام، تناول علماء المعهد مشـكلة رؤية الأهلة، وتم تطوير معايير حسـابية وطرق الرصـد لإثبات رؤية الهلال الجديد على أسس علمية راسخة.

وتسعى الدول لتطوير تكنولوجيات الرصد الفلكي تباعاً لمواكبة التقدم العلمي في هذا المجال، وفى مصر اكتسب معهد الفلك (مرصد حلوان سابقاً) شهرة عالمية خاصـة؛ لما يتمتع به مناخ مصـر من صـفاء واستقرار يساعدان على إجراء الأرصـاد الفلكية بدقة ملموسـة ووفرة كبيرة.

ربط رؤية الأهلة بحقائق فلكية ثابته
وتم ربط رؤية الهلال ببعض الحقائق الفلكية الثابتة، مثل ظواهر الكسوف الشمسي والخسوف القمري واستخدمت هذه الظواهر كضوابط لبدايات ومنتصف الأشهر الهجرية، فالكسوف الشمسي يحدث عندما يكون القمر في مركز المحاق عند بداية الشهر القمري، وتكون الشمس والقمر والأرض في وضع الاقتران التام، أي أن مراكز الأجرام الثلاثة تكون على استقامة واحدة، بل إن الكسوفات الشمسية هي الفرصـة الوحيدة التي تتيح رؤية المحاق وهو يعبر قرص الشمس وتظلم السـماء وتعود الطيور إلى أوكارها عندما يحجب المحاق قرص الشـمس كلية في حالة الكسوف الكلي.

فكما أن ولادة الهلال الجديد تأتي مباشرة بعد حدوث الاقتران، فإن حدوث الكسـوف الشـمـسـي، الذي هو بمنزلة اقتران تام يبشـر بقرب ولادة الهلال الجديد، ويمكن القول إنه لا رؤية للهلال الجديد قبل حدوث الاقتران أو قبل حدوث الكسوف الشمسي.

ومن الناحية الأخرى يحدث الخسوف القمري عندما يكون القمر بدراً في منتصف الشهر الهجري، وهذا يعني أن توقيت الخسوف القمري يتوافق عادة مع منتصف الشهر الهجري إذا كانت البداية لهذا الشهر قد تم تحديدها بالدقة الكافية التي ترتكز إلى الأسـس العلمية، وفي هذا الصـدد يتم متابعة اكتمال القمر بدراً في منتصف الشهر القمري ومقارنة النتائج العملية بنتائج الحسابات الفلكية لتحديد وقت اكتمال البدر. وربط إثبات رؤية الهلال ببعض الحقائق الفلكية الثابتة مثل الكسـوف الشمسي.

تقارير شهرية لدار الإفتاء
ويرسل معهد الفلك تقارير شهرية عن ظروف رؤية الهلال الجديد إلى دار الإفتاء المصرية، والمشاركة في تحري رؤية الهلال باستخدام المناظير الثابتة والمحمولة من مواقع عدة مختارة لهذا الغرض، وإرسال تقارير الرؤية إلى فضيلة المفتي لاتخاذ القرار الشرعي المناسب نحو بداية الشهر الهجري الجديد، وذلك بالتنسيق مع دور القضاء الشرعي في العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى