
لا يستطيع أحد أن ينكر على الدول والشعوب حقها في التفاؤل لا سيما وأن العالم كله يكافح من أجل تحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي في ضوء العديد من التحديات، وقد جاءت القمة الخامسة عشر لدول تجمع البريكس التي استضافتها مدينة جوهانسبرج بجنوب أفريقيا وشاركت فيها مصر حيث حضر فعالياتها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، جاءت هذه القمة لترسي قواعد أكثر عدالة لالية عمل النظام العالمي وتبعث في النفوس الامل بخريطة سياسية أكثر توازنا.
نعلم جميعاً أن التكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية صارت خلال السنوات الماضية أداة مهمة لتحقيق القدرة على مواجهة الأزمات المتلاحقة، واذا قمنا بتطبيق هذه النظرية على نموذج بريكس فبكل تأكيد سنجد أنفسنا أمام نموذج يدعو فعليا للتفاؤل، ونشير هنا إلى حزمة من النقاط المهمة أبرزها سيطرة مجموعة بريكس على سبعة وعشرين بالمئة من التجارة العالمية، بينما تمتد مساحة دول المجموعة لتشمل أكثر من ربع مساحة اليابسة.
أما ما حدث في ختام أعمال القمة متمثلا في الاعلان عن انضمام ست دول جديدة للتجمع من بينها مصر، فهي خطوة تمثل ميلادا جديدا لهذا التجمع، فالدول المنضمة حديثا وتشمل إلى جانب مصر كلا من السعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا والارجنتين، تعد اقطابا إقليمية مهمة، يتوقع أن تزيد من قوة تجمع البريكس وفي ذات الوقت، تكفل الخطوة دفعة مهمة لاقتصاديات الدول المنضمة وتأهيلها أكثر واكثر لمواجهة أية تحديات محتملة.
لنقترب أكثر من بيت القصيد ونرصد أهم النتائج المتوقعة لهذه الخطوة وهو رفع قيمة العملات المحلية لهذه الدول في مواجهة العملات الغربية التي فرضت هيمنتها على الأسواق العالمية في الآونة الأخيرة.
وبكل تأكيد فإن بيان الرئيس السيسي تعليقا على انضمام مصر لتجمع بريكس حمل في طياته العديد من الأمور التي تزيد من تفاؤلنا بتلك الخطوة حيث ثمن سيادته دعوة مصر للانضمام للتجمع مؤكدا أنها فرصة للتنسيق والتشاور والتعاون لما فيه مصالح الدول الأعضاء والتغلب على التحديات القائمة، وهو ما تلاقى مع ما جاء في كلمات رؤوساء الوفود المشاركة الذين أكدوا أن المرحلة القادمة ستمثل نقلة نوعية في العمل المشترك من أجل دعم دول الجنوب وإحراز طفرة تنموية من خلال الإعلان عن تأسيس صندوق مالي برأس مال مبدئي عشرة مليارات دولار.
واتساقا مع الرؤية المصرية، فإن متابعة ما جاء ضمن فعاليات القمة تكشف عن مرحلة جديدة فارقة بالنسبة لدول البريكس أهم معالمها تخليص دول الجنوب من الضغوط التي تفرضها الدول والمؤسسات الدولية الدائنة وبالتالي الاستقلالية في قرارها السياسي، هذا إلى جانب حشد جهود الدول الكبرى بالتجمع مثل روسيا والصين والهند لدعم منظومة التنمية في الدول الفقيرة.
عموما فإن فعاليات قمة بريكس الأخيرة هي إعادة تشكيل للمعادلة الدولية تمهد الطريق أمام عالم متعدد الأقطاب، وحتى تتجسد الأهداف المرجوة ينبغي على دول التجمع العمل سويا حتى يتسنى لها تلمس الطريق نحو عالم أكثر عدالة وازدهار.
بقلم / عبد الرحيم أحمد