اليمن والأمن القومي العربي .. جهود داعمة مصرية سعودية إماراتية
لواء بحرى ا ح/ محمود متولي

تلعب كل من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أدوارًا فاعلة ومؤثرة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار وتنمية اليمن، فضلًا عن تحقيق أمنه بما يعود على الأمن القومي العربي، إذ تمتلك الدول الثلاثة رؤية موحدة حول طبيعة المخاطر التي تتهدد المنطقة والأمن القومي العربي بشكل عام، إذ أن الأمن القومي اليمني جزءًا من الأمن القومي العربي ككل.
فبعد سنوات عانى فيه اليمن السعيد من ويلات الإرهاب، شكل موقف عدد من الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية والامارات طوق النجاة لإنقاذ الشعب اليمني وتحقيق الأمن والاستقرار بالبلاد، الأمر الذي اتضح جليًا في تحركاتهما على كافة الأصعدة السياسية والأمنية بمستوياتها الإقليمية والدولية، لتحقيق الاستقرار والسلام والأمن في اليمن.
أولًا – الدور المصري
يرتكز الموقف المصري في اليمن على مجموعة الثوابت التي تقوم عليها السياسة الخارجية المصرية تجاه أزمات المنطقة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الثوابت الخاصة بالأوضاع في اليمن، وأهمها حماية الأمن القومي العربي والخليجي بصوره عامه واليمني بصوره خاصة، من أية تهديدات، فسياسة مصر تجاه اليمن لا تتغير، إذ تقوم على دعم استقرار اليمن الذي يرتبط بالأمن القومي المصري بصوره مباشرة والخليجي أيضًا، وكذلك العربي والعالمي.
وفي إطار الحرص المصري علي دعم الاستقرار في اليمن تبذل القاهرة جهودًا كثيرةً من أجل دعم استقرار الأوضاع في اليمن، ويتمثل فيما يأتي:
1 – ساهمت مصر في التحالف العربي – وإن كان بصورة رمزية- في جهود استعادة حكومة هادي المعترف بها دوليًا في اليمن، حيث يرى البعض أن تلك المساهمة كانت في حدود حماية أمنها القومي، إلا أن تلك المشاركة تأتي في إطار ما تشكله اليمن من أهمية استراتيجية للأمن القومي العربي والمصري، فاليمن تشكل بوابة هامة لأمن مصر القومي في العمق الجنوبي، والمشاركة المصرية لم تكن فقط مجرد عمليه لتأمين الملاحة البحرية، إنما تأتي في سياق دور مصر بطبيعة الحال على الصعيد الإقليمي، والتنسيق مع الشركاء الإقليميين في التعامل مع مهددات الأمن الجماعي العربي.
2 – استقبال الوفود السياسية اليمنية والدولية المعنية بالملف اليمني من أجل تنسيق الجهود في اليمن لإحلال السلام والاستقرار به، وهو ما اتضح من خلال زيارة المبعوث الأممي لليمن للقاهرة ولقاء وزير الخارجية المصري والأمين العام لجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى زيارة وزير الدفاع اليمني إلى القاهرة، وكذلك زيارة رئيس المجلس الانتقالي اليمني رشاد العليمي، فضلًا عن استقبال نائب رئيس الجمهورية اليمنية الفريق أول علي محسن الأحمر لسفير جمهورية مصر العربية 2022، وغيرها من الزيارات.
3 – إعادة فتح الأجواء بين القاهرة وصنعاء مطلع يونيو 2022، وهي خطوة مهمة للتعامل مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن، وبالتالي تساهم مصر في رفع الأعباء على اليمنيين الذين أرهقتهم سنوات الحرب.
4 – دفع العملية السياسية في اليمن، بالتنسيق مع شركائها في الخليج (السعودية والإمارات)، والقوى الدولية المعنية بالوصول إلى تسوية سياسية، تنهي حالة الاحتراب الداخلي.
5 – استضافة اليمنين، حيث يوجد بمصر حاليًا أكثر من مليون مواطن يمني تقدم له كافة الخدمات ويتم معاملتهم كمصرين.
6 – تقديم المساعدات، أعلنت مصر عن استقبال “رحلات الرحمة”، بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، لنقل المرضى اليمنيين من جميع أنحاء اليمن لتلقي الرعاية الصحية اللازمة في المستشفيات المصرية. هذا فضلًا عن التسهيلات التي تُقدمها السلطات المصرية لمنح تأشيرات للمواطنين اليمنيين لأغراض تعليمية، مقابل نفس الرسوم التي يدفعها الطلاب المصريون.
والجدير بالذكر هنا أنه بين يوليو 2020 ومارس 2021، أرسلت مصر شحنتي مساعدات طبية لليمن، لمساعدة السلطات الصحية في اليمن، لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وتوفير الدعم الغذائي لأطفال اليمن، في مبادرة مصرية لإنقاذ الأطفال اليمنين التي سجلت نسب مرتفعة للجوع بين الأطفال اليمنيين الذين يعاني منهم مليونا طفل من سوء التغذية، بحسب الأمم المتحدة.
ثانيًا- الدور السعودي:
تتحمل المملكة العربية السعودية مسؤوليات هامه تجاه المنطقة العربية وحماية الأمن القومي العربي بصوره عامة والأمن الخليجي بصوره خاصة، بالإضافة إلى حماية أمنها القومي من أية تهديدات، ويعد الدور السعودي في قضايا وأزمات الشرق الأوسط دورًا محوريًا قائمًا على الشراكة الاستراتيجية مع الحلفاء الإقليميين (مصر والإمارات) الساعين لتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة ومواجهة بعض دول الإقليم الأخرى التي تحاول بشكل حثيث تأجيج الصراعات في المنطقة لخدمة مصالحها الخاصة.
تنطلق السياسة السعودية تجاه اليمن من مجموعه مرتكزات رئيسه وفقاً للمعطيات القائمة، واتسم الدور السعودي في الأزمة اليمنية بالمرونة والشمولية، حيث قادت المملكة في عام 2015 التحالف العربي في اليمن جنبًا إلى جنب مع بعض الدول العربية، وذلك من أجل مواجهة هجوم الحوثيين على العاصمة المؤقتة عدن بعد طلب من رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، واستناداً إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويمكننا هنا الحديث عن ثوابت السياسة الخارجية السعودية في اليمن وهي كالتالي:
1 – دعم الحوار السياسي في اليمن بين كافة الأطراف، حيث استضافت الرياض مؤتمر الحوار اليمني في مايو ٢٠١٥، بحضور الأطراف اليمنية والذي يعد مخرجاته هي أحد أهم المرجعيات لحل الازمه اليمنية، فضلا عن حوار جدة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في أغسطس٢٠١٩.
2 – حماية الأمن القومي اليمني ودعم الشرعية باليمن، وبرز هذا الدور عندما أعلنت الرياض في ٢٠١٥ استجابة لطلب من رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي للتدخل في اليمن عسكريًا من أجل دعم الشرعية بعد أن قامت جماعه الحوثي الإرهابية بالهجوم على العاصمة المؤقتة عدن في ذلك الوقت والذي تم من خلال تحالف عربي لدعم الشرعية والذي يتحرك في اليمن وفقًا لتنسيق مع الشركاء الإقليميين للرياض.
3 – نزع السلاح من المليشيات والإرهاب، حيث تطالب الرياض المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الامن بضرورة نزع السلاج من يد الجماعات الإرهابية، ودعم سيادة الدولة ولاستقرار.
4 – تنمية اليمن من خلال تقديم الإغاثة والمساعدات، فالمكلة العربية السعودية تعد أكبر المانحين في اليمن ومقدمي المساعدات الإنسانية لإغاثة الشعب اليمني نتيجة جرائم الحوثي.
فلا شك في أن السياسة المملكة تجاه الأزمة اليمن تقوم على مجموعه من الأهداف والمتمثلة في تعزيز دور الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا في البلاد، واحتواء التهديد الأمني الناجم عن جماعة الحوثيين، وصياغة تسوية سياسية تسمح بإنهاء الحرب بشكل يناسب الشارع اليمني، ودعم البعد الإنساني في اليمن، وفي هذا الإطار يمكننا التركيز على الجانب الإنساني في اليمن حيث قامت المملكة بإطلاق العديد من المبادرات ومن هنا يمكن رصد أهم جهود المملكة في الشق الإنساني فيما يلي:
1 – دعم اليمن اقتصاديًا، حيث أعلن السفير محمد آل جابر المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في ٢٠٢١، عن وجود استراتيجية بالتعاون مع الحكومة الشرعية اليمنية لدعم اقتصاد اليمن عبر ودائع البنك المركزي والمشتقات النفطية، بالإضافة إلى مبادرات ومشاريع مختلفة تستهدف ٧ قطاعات، هي الصحة والتعليم والنقل والمياه والكهرباء والثروة السمكية والزراعة، والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بالشراكة مع المنظمات الدولية. وفي عام ٢٠٢٢ أعلنت السعودية أنه تقرر تقديم دعم عاجل للاقتصاد اليمني بمبلغ ٣ مليارات دولار أمريكي على النحو الآتي:
- ملياري دولار أمريكي مناصفة بين السعودية والإمارات دعمًا للبنك المركزي اليمني.
- مليار دولار أمريكي من المملكة منها 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية، و400 مليون دولار لمشاريع مبادرات تنموية.
2 – تحقيق الأمن الغذائي لليمنين، ولعل الحملة التي نفذها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام ٢٠٢١، تعد من كبرى الحملات التي أطلقت لضمان الأمن الغذائي للشعب اليمني، حيث ضمت دفعتها الأولى 154 حافلة، تزن كل حافلة منها أكثر من 20 طنا من السلال الغذائية، وتبلغ تكلفتها ما يزيد على 30 مليون دولار أمريكي، وتأتي في سياق دعم سعودي متواصل ومتعدد.
وفي ظل انشغال المجتمع الدولي بالأزمة الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من تبعات أعلنت الرياض في ٢٠٢٢ عن تقديمها مبلغ 300 مليون دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة لعام 2022 لتخفيف المعاناة عن الشعب اليمني وتحسين أوضاعه المعيشية والخدمية.
3 – تحقيق الأمن والاستقرار باليمن، حيث عملت المملكة على مواجهه التحديات التي تتمثل في زراعة المليشيات الحوثية مئات الآلاف من الألغام في الأماكن المكتظة بالسكان ومداخل المدن ومخارجها والقرى والمزارع، وبادرت المملكة -ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية- بإنشاء البرنامج السعودي لنزع الألغام “مسام”، الذي نجح خلال الفترة من منتصف ٢٠١٨، وحتى منتصف أغسطس ٢٠٢٢، في نزع ٣٥٨.٩٣٦ لُغمًا من الأراضي اليمنية.
4 – برامج لإعادة التأهيل وإنقاذ الأطفال اليمنين، حيث أطلقت المملكة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مشروع نوعي لأطفال اليمن وهو مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالنزاع المسلح في اليمن، والذي انطلـق مـن محافظة مأرب في سـبتمبر 2017، ويركز على تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالنزاع المسلح وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية وتقـديم الدعم الاجتماعي لهم، حيث وصل عدد المستفيدين مباشرة من الأطفال منذ بداية المشروع حتى منتصف أغسطس ٢٠٢٢ نحو ٥٣٠ طفل، بينما وصل عدد المستفيدين غير المباشرين من أولياء أمور الأطفال خلال نفس الفترة نحو ٦٠٥٦٠.
5 – الرعاية الصحية للمصابين، بادر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى دعم وتمويل مراكز الأطراف الصناعية، والتي تقدم خدماتها بالمجان للمصابين من عمليات البتر، وتسببت الألغام العشوائية التي زرعتها المليشيات الحوثية من عبث ودمار امتد إلى التأثير والمساس بحياة وأرواح المواطنين اليمنين، وقد وصل عدد اليمنين المستفيدين من البرنامج في اليمن نحو 25.340.
وفي هذا السياق نفذت المملكة العربية السعودية من خلال مركز الملك سلمان لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن بقطاعات الصحة والتي وصلت إلى نحو ٣٣٥ مشروع وبقطاع الأمن الغذائي والتي بلغت ١٢٨ مشروع في حين بلغ عدد المشاريع في قطاع دعم وتنسيق العمليات الإنسانية ٣٠ مشروع، من أصل ٧١٣ مشروع قدمها مركز الملك سلمان في اليمن بتكلفه إجماليه وصلت إلى ٤ مليار و١٠٥ مليون و٩٠٠ ألف دولار تقريبا باليمن.
ثالثًا- الدور الإماراتي:
يعد الدعم الإماراتي السخي لليمن، المتواصل لنحو 4 عقود، دعامة أساسية لاستقراره وتلبية احتياجات شعبه.
ومنذ عودة قواتها من اليمن عملت الإمارات على دعم الجهود الأممية لإنهاء الحرب في اليمن والتوصل إلى سلام برعاية الأمم المتحدة ولا زالت تدعم جهود المبعوث الأممي إلى اليمن للوصول إلى سلام دائم.
وليست مصادفة أن تشارك القوات الإماراتية عام 2015 اليمنيين معركة تحرير مأرب من سيطرة مليشيات الحوثي المدعومة من إيران لأن الدور الإماراتي إلى جانب اليمن شعبا وحكومات كان ولا يزال يمثل أولوية لدى قيادة دولة الإمارات.
وخلال مؤتمرات المانحين التي نظمت لدعم اقتصاد اليمن كانت الإمارات صاحبة فضل كبير في إنجاح هذه المؤتمرات، وتقديم الدعم المالي الكبير لليمن إلى جانب السعودية.
ولم يتأخر الدعم الإماراتي عن اليمن حين هاجمت فوضى تنظيم الإخوان الإرهابي كل محافظات البلاد، ودخل الاقتصاد اليمني والوضع المعيشي لليمنيين مأزقا خطيرا، فقد قدمت حينها الإمارات ربع مليار دولار لكي يبقى الاقتصاد اليمني متماسكا.
سياسيا، كان للإمارات دورا محوريا في إخراج اليمن من مأزق فوضى الإخوان من خلال المبادرة الخليجية التي توجت بتشكيل حكومة وطنية من المعارضه والحزب الحاكم حينها المؤتمر الشعبي العام.
وبعد أن كان اليمنيون قد تجاوزوا متاريس الحرب والفوضى عادت جحافل مليشيات الحوثي لتنقلب على الحكومة الشرعية التي أنتجتها المبادرة الخليجية، وأعلنت الحرب واجتاحت محافظات البلاد، مدشنة حربا دموية وتدميريه ضد اليمنيين.
وحينها قادت السعودية تحالفا عربيا لمواجهة الانقلاب وتحرير اليمن من سيطرة مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، وكانت الإمارات شريكا أساسيا للرياض في التحالف العربي في معركة قومية ضد أطماع تقف وراءها إيران تستهدف اليمن والمنطقة.
وإلى جانب الدور العسكري كان للإمارات دور كبير في تقديم المساعدات الإنسانية والمالية والتنموية والوقود، وبناء مشاريع متعددة لإعادة تطبيع الحياة في المناطق المحررة التابعة للحكومة الشرعية.
وكثفت الإمارات دعمها للحكومة الشرعية منذ بداية عمليات التحالف ضد الانقلابيين، سواء كان هذا الدعم عبر الأمم المتحدة وأذرعها الإنسانية أو الدعم المباشر عبر الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية.
وتشمل المساعدات الإماراتية المقدمة لليمن 15 قطاعا رئيسيا مثل قطاعات النقل والتخزين، وتوليد الطاقة وإمدادها، والخدمات الاجتماعية، والقطاع الصحي، وقطاع التعليم والقطاع السمكي ودعم الحكومة والمجتمع المدني. وتضمنت المساعدات الإماراتية كل مظاهر الحياة في اليمن بهدف المساهمة في توفير الاستقرار والتنمية في المحافظات والمناطق اليمنية.
ورغم ما تقدم فحل المشكله يجب أن يكون فى المقام الأول حلاً يمنياً . ونحن كعرب وبما يربطنا من روابط ثقافيه وتاريخيه وسياسيه ، ومصالح حاليه ومستقبليه يجب علينا بذل المزيد من التعاون مع الفصائل اليمنيه لتوحيد الصف من أجل أستعادة الأستقرار والأمن باليمن، ليصبح اليمن كما كان من قبل اليمن السعيد الأمر الذى ينعكس إيجابياً على الأمن القومى العربى.