مقالات الرأي

الدكتور عادل عامر يكتب : القمة العربية حجم تأثيرها على الأحداث ومواجهة مخطط التهجير

بقلم : الدكتور عادل عامر

وتأتي القمة العربية وسط تنديد، إقليمي وعالمي، واسع النطاق باقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ«السيطرة على قطاع غزة»، وإنشاء ما وصفها بـ«ريفييرا الشرق الأوسط» بالقطاع، وذلك عقب اقتراحه بأن تستقبل مصر ومملكة الأردن لاجئين من غزة.

نود تساهم القمة في إطلاق جهود إعمار قطاع غزة عربيا ودوليًا، مثمنًا الدعوة المصرية لعقد هذه القمة بهذا التوقيت، ‏للان عقد هذه القمة بدعوة من مصر يشير للالتفاف العربي حول الشعب الفلسطيني، وكذلك الدعم العربي لمواقف مصر والأردن الرافضة لتهجير الشعب الفلسطيني”. ونؤكد أن تنعكس نتائج هذه القمة إيجابيًا على الوضع الإنساني الشعب الفلسطيني بقطاع غزة والضفة؛ لمواجهة الممارسات الإسرائيلية الرامية لجعل الحياة صعبة أو حتى مستحيلة على الفلسطينيين

. إن القمة ستبحث الوصول لقرار وموقف عربي موحد يرفض التهجير ويؤكد على الإجماع العربي لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ودولية لوقف محاولات إخراج الفلسطينيين من أراضيهم. و “أنه ليس غريبًا أن تكون القضية الفلسطينية هي الحافز على عقد هذه القمة الطارئة التي تعيد الزخم للعمل العربي المشترك، وأن يتم عقدها بناءً على دعوة من مصر سواء بسبب دورها الفعال والتاريخي والمستمر في دعم الشعب الفلسطيني أو دورها القيادي على صعيد العمل المشترك”.

وثمن تجاوب الدول العربية مع هذه الدعوة والمواقف العربية الرافضة لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، لان الجهود العربية المتعددة بهذا الشأن سواء على صعيد منظومة العمل العربي المشترك المتمثلة بجامعة الدول العربية أو على صعيد جهود كل دولة بمفردها في هذا الإطار. «التأكيد على ثوابت الموقف العربي، إزاء القضية الفلسطينية، الرافض لأي إجراءات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، أو تشجيع نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينية، على ضوء ما تمثله هذه التصورات والأفكار من انتهاك صارخ للقانون الدولي، وتعدٍّ على الحقوق الفلسطينية، وتهديد للأمن والاستقرار في المنطقة، وتقويض لفرص السلام والتعايش بين شعوبها».

تأتي «قمة القاهرة» الطارئة بمثابة «فرصةٍ تاريخيّةٍ لإثبات أن العرب قادرون على مواجهة تحدٍّ حقيقي يهدِّد أمنهم بشكل حقيقي وجاد، في ظل تحالف الولايات المتحدة مع إسرائيل لتنفيذ مخطط التهجير». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه القمة تأتي لدعم موقف عربي مبدئي، حيث سبقتها مواقف صارمة من السعودية ومصر والأردن».

«هناك إرهاصات لموقف تاريخي عربي يؤكد أنه فات أوان فرض الإملاءات، ما يجعل (قمة القاهرة) تُشكِّل نقلة نوعية في مواقف القمم العربية لان «الحد الأدنى المنتظر من هذه القمة، هو خروج رفض واضح وصريح لتصفية القضية، ولمخطط التهجير الذي لا يمكن للولايات المتحدة تنفيذه دون موافقة الدول العربية، لا سيما أن ترمب طالب القاهرة وعمّان باستقبال اللاجئين الفلسطينيين».هذا هو ترامب الذي لم ينطق منذ تولي رئاسته الثانية كلمة الشعب الفلسطيني، في إشارة واضحة ليس فقط لتنكره لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بل وإلغاء وجوده كشعب، متماهياً مع مواقف سموتريتش الذي سبق وأعلن قبل السابع من أكتوبر أنه لا يوجد شعب فلسطيني، ومتطابقاً مع نتنياهو بالغاء الجغرافيا الفلسطينية، عندما أظهر خارطته دون وجود لفلسطين عليها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة” سبتمبر 2023”، وأيضاً قبل انفجار السابع من أكتوبر.

أطماع العنصرية الصهيونية في فلسطين ومقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” لم تتوقف يوماً منذ بداية المشروع الصهيوني في بلادنا، بما في ذلك بعد إبرام ” أوسلو” حيث استمر التوسع الاستيطاني دون توقف، وإن كان بوتائر مختلفة. إعلان ترامب وتقديمه بدموع التماسيح على قتل أهل غزة، وادعاء ضمان حياة كريمة لهم في بلدان أخرى، تدحضه وقائع تشبث الفلسطيني بالعودة إلى ركام بيته، ليس فقط لأنه يدرك أن لا كرامة له سوى في وطنه، بل ولأنه لن يفرط بوطن الآباء والأجداد، وبحقه في تقرير مصيره عليه، وبقدرته على بناء مستقبل الأجيال القادمة والعنيدة فيه.

ان حرص الدولة المصرية على قيادة تحرك دولي واسع النطاق من أجل سرعة بدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وبدء عملية سياسية قائمة على حل الدولتين بهدف التوصل إلى السلام الدائم، حيث تعتزم التعاون مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين لإعادة إعمار قطاع غزة، وتحقيق المصلحة الفلسطينية تمهيداً لتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة بما يدعم جهود إنشاء الدولة الفلسطينية.

ونعتبر ان مصر قيادة وشعبا تتبنى القضية الفلسطينية، وترفض بشكل قاطع تصفيتها تحت أي مسمى، ولم يقتصر الأمر على الرفض فقط ولكن تعمل جاهدة لحشد دولي وعربي من أجل البدء في إعادة إعمار القطاع وإجهاض المخططات الصهيونية الهادفة لتصفية القضية بنقل الفلسطينيين.

أن هناك قوى عالمية تحاول فرض سيطرتها على العالم بمنطق البلطجية والعصابات، معتبراً أن واشنطن، عبر دعمها اللامحدود لإسرائيل، تؤسس لنظام دولي يقوم على الهيمنة والقوة العسكرية، وليس على مبادئ العدل والشرعية الدولية.

أن الموقف المصري، شعبًا وحكومة، واضح في رفض هذه المخططات، هذه الخطة بالنسبة لنا كشعب مصري نرفضها تماماً، ولن تمر، لأننا عندما نقبل بالتهجير فنحن نخون الفلسطينيين. وبين أن أي تهاون في مواجهة مخططات التهجير القسري يعني القبول بتصفية القضية الفلسطينية، وهو أمر لن يقبله الشعب المصري الذي يعتبر القضية الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من أمنه القومي.

أن «أقوى رد على هذه الخطة لم يأتِ من المؤتمرات السياسية أو البيانات الدولية، بل من المسيرات المهيبة التي نظمها الفلسطينيون من جنوب إلى شمال غزة، من أجل العودة إلى بيوتهم المهدمة» معتبراً أن هذه التحركات الشعبية تعكس إرادة الفلسطينيين في التمسك بأرضهم، ورفضهم لأي محاولات لإجبارهم على مغادرتها وندعو إلى تطوير الموقف الرسمي المصري في مواجهة هذه المخططات، عبر إعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد، و «نطالب الرئيس السيسي بتطوير هذا الموقف وإلغاء كامب ديفيد في ظل التوحش الصهيوني، ورغبة تل أبيب في التوسع في المحيط». لان الاتفاقية، التي مر عليها أكثر من أربعة عقود، تحتاج إلى مراجعة جذرية، خاصة مع استمرار السياسات الإسرائيلية التي لا تحترم أي اتفاقات، وتسعى إلى فرض واقع جديد في المنطقة عبر القوة العسكرية والتوسع الاستيطاني.

ونؤكد أن رفض التهجير القسري لا يجب أن يقتصر على مجرد الخطابات السياسية أو المواقف الإعلامية، بل يتطلب خطوات عملية لمقاومته، قائلاً: «يجب إعداد مشاريع لمقاومة التهجير، لأن الأمر لا ينبغي أن يقتصر على مجرد الخطابات الرنانة».

لان دعم صمود الفلسطينيين على أرضهم هو الوسيلة الأهم لإفشال مخطط التهجير، مشددًا على أن «قوافل المساعدات يجب أن تشتمل على كل ما يساعد الشعب الفلسطيني على البقاء في أرضه» سواء من حيث الدعم الاقتصادي أو الإغاثي أو السياسي.

ويجب ان تكون القمة العربية القادمة تدعو إلى  موقف عربي موحد في مواجهة المخطط الأمريكي الإسرائيلي، محذرا من أن أي تراجع عربي في هذه اللحظة الحرجة سيعني إعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ مخطط التهجير القسري، بما يحمله ذلك من مخاطر على الأمن القومي العربي برمته.

ونؤكد أن مقاومة التهجير ليست مجرد دفاع عن الفلسطينيين، بل هي دفاع عن أمن واستقرار المنطقة العربية بأكملها، مشددا على ضرورة التحرك الفوري لإفشال هذا المخطط، ومنع أي محاولات لفرضه على أرض الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى