
إن المتابع لمسارات التنمية على أرض مصر طوال العقد الفائت سيجد نفسه أمام منظومة متكاملة متعددة المحاور والاركان، وخير دليل على ذلك تنوع المشروعات التي نفذتها اجهزة الدولة وشمولها مختلف القطاعات.
وقد كنا اليوم على موعد متجدد شهدنا خلاله إضافة صرح كبير لهذه المنظومة متمثلا في مركز السيطرة للشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بمحافظة القاهرة وقد شهد افتتاحه وتشغيله التجريبي رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.
وبنظرة أكثر عمقا للمردود الإيجابي لهذا الصرح الوليد، نكتشف سريعا أهميته الواضحة للتدخل السريع أثناء حدوث الأزمات والمساعدة في الحفاظ على ممتلكات الدولة والممتلكات الخاصة وأرواح المواطنين ، واللافت للنظر أن اجهزة الدولة شاركت في تنفيذ هذا المركز باستخدام جميع الإمكانات المتاحة ووسائل التواصل الحديثة ومتابعة مستمرة من القيادة السياسية لكل مراحل التنفيذ.
أما عن آلية عمل المركز الذي يمثل حقيقة شبكة متكاملة للتعامل مع الأزمات، فهي تعكس الرؤية الثاقبة للدولة ومدى الاتقان والجودة في التنفيذ، فمن خلال هذا المشروع الرائد تم ربط مختلف عناصر الطوارئ والمرافق الحيوية عبر مركز رئيسي، مع تحديد غرفة عمليات متخصصة باستخدام تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، في إطار شبكة موحدة ومؤمنة بالكامل تم تنفيذها طبقًا لأحدث المعايير العالمية، وذلك في إطار عمليات التحول الرقمي بالدولة المصرية.
إن الدول المتقدمة والتي شيدت نهضة تنموية غير مسبوقة تعاملت مع مستقبلها بمنظور شامل، ومن هذا المنطلق فإننا نؤكد أن إقامة مركز السيطرة بمحافظة القاهرة يعد إنجازًا ونقلة حضارية كبرى لمصر في التعامل مع الأزمات والطوارئ، حيث يسهم في تحسين جودة خدمات الإغاثة بتقليص زمن الاستجابة للحدث وسرعة التعامل معه، ويتيح أيضاً التعاون والتكامل بين كافة الجهات المعنية في اتخاذ القرار عبر إتاحة البيانات الدقيقة.
ليس هذا فحسب ما يبشر به المشروع الجديد، فهو أيضا يتسم بميزة نسبية من حيث نطاق التغطية لأنه مركز إقليمي تغطي خدماته محافظات القاهرة الكبرى وينعكس ذلك بوضوح عبر التكلفة الكبيرة له والتي تناهز عشرين مليون جنيه، فضلا عن امداده بأفضل واكفا الكوادر البشرية التي تم تأهيلها وفقا لأحدث المعايير الدولية في العالم.
والحقيقة أن مثل هذه المراكز والشبكات أصبحت ضرورة ملحة بعد سلسلة الانجازات التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية، كما أن الطفرة التي حدثت بقطاعات مثل السياحة والصحة والنقل والبنية التحتية وغيرها بحاجة ماسة لهذه المراكز التي تعمل بصورة سريعة ومتميزة ودقيقة مع أية حوادث وطوارئ محتملة.
كلنا على يقين تام بأن منظومة العمل والبناء في مصر والتي لم تتوقف لحظة واحدة طوال عشرة أعوام، ما زالت تحمل لنا الكثير والكثير من الإنجازات التي بدأت بحلم وبفضل القيادة السياسية الرشيدة وعزيمة المصريين تجسدت واقعا ملموسا أمام العالم بأسره.