الرئيسيةمقالات الرأي

الدكتور عادل عامر يكتب : أهمية الدور المصري في المنطقة العربية

 

بقلم : الدكتور عادل عامر

عمِلت مصر على استعادة قدر كبير من التوازن في علاقتها مع القوى الكبرى من خلال استمرار العلاقة الاستراتيجية التي تجمعها بالولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة لنجاحها في فتحِ آفاق جديدة للعلاقات مع قوى كبرى أخرى مثل روسيا والصين والاتحاد الأوربي، وكانت الأحداث التي وقعت في قطاع غزة مايو 2021، خير دليل على أن مصر قوة إقليمية مهمة، وبدونها من الصعب الوصول إلى حالة من الهدوء في المنطقة. تعمل مصر على تكامل المنظومة الأممية والأفريقية لصيانة السلم والأمن الدوليين، من خلال عضويتها الحالية بمجلس السلم والأمن الأفريقي والاجتماعات التي سيعقدها تحت رئاسة مصر مع مجلس الأمن الأممي، جنباً إلى جنب مع تكامل دور مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد الصراعات، الذي تستضيفه مصر، مع لجنة وصندوق بناء السلام الأممي، بما يعظم من الموارد المتاحة ويحقق التناغم والتنسيق المطلوبين.

 

أن السوق المصري يعد فرصة واعدة للمستثمرين، بفضل موقع مصر الاستراتيجي الفريد، وتوافر الأيدي العاملة الماهرة واللي بتمكن المستثمرين من بدء مشروعاتهم بكل قوة، ده غير أن مصر بتوفر كمان أسعار طاقة ملائمة للمستثمرين الأجانب، وعندها كم كبير من اتفاقيات التجارة الحرة اللي بتربطها بالدول العربية والإفريقية، ده غير التطور الكبير اللي قامت بيه الحكومة في البنية التشريعية المشجعة للاستثمار، واللي خلت السوق المصري في الوقت الحالي يكون هدف رئيسي للاستثمارات الأجنبية من كل دول العالم، خصوصا أن الحكومة في الفترة اللي فاتت قدمت تحفيزات كبيرة لدخول الاستثمارات الأجنبية زي التسهيلات الخاصة بالحصول علي الأراضي وتسهيلات التراخيص اللازمة للبناء والتشغيل والتخفيضات الجمركية للتصدير والاستيراد.

 

ولم يقتصر دور مصر في ربط الجهود الإقليمية بالأممية على النطاق الأفريقي، فقد قامت مصر خلال رئاستها الأخيرة لمجلس الأمن في ٢٠١٦ بمبادرة لعقد أول اجتماع مشترك مع مجلس جامعة الدول العربية بمقرها في القاهرة بعد سنوات طويلة من إنشاء المنظمتين، ليستكمل ذلك التشاور بين أمانتي المنظمتين. إن “مصر لم تفقد خلال أي فترة دورها الإقليمي لكن ربما انشغلت فى بعض الفترات بالشأن الداخلي، وبعد أن أنجزت أمورا كثيرة فى الداخل بدأت مصر حاليا ترجع لممارسة نفس الدور بنفس القدر من الأهمية”.

 

أن الأمر كان مجرد أولويات، ففي فترة ما كان الاهتمام بالداخل يمثل الأولوية، وحاليا مصر رجعت إلى المسار الطبيعي، هو الاهتمام بالداخل والخارج بشكل متواز. و “بالتأكيد مصر استعادت دورها الإقليمي التقليدي، الذى أثبتت الأحداث الماضية أنه لا غنى عنه، خاصة في ظل محاولات من بعض القوى الإقليمية أن تقوم بدورها لكنها فشلت فى النهاية، لأن دور مصر مختلف بحكم عوامل كثيرة مثل التاريخ والجغرافيا والتأثير”.

 

لان هناك نقطة مهمة وواضحة جدا ونابعة من الرئيس السيسي وهي الحرص على بقاء الدولة الوطنية في كل الدول العربية، ومن أجل ذلك تدخلت مصر بقوة على خط أزمة لبنان، وهذا أمر مستجد، لأن مصر لم تكن القوة الإقليمية ذات التأثير الأكبر فى لبنان، لكن حاليا بدأت تلعب دورا، لأن الأزمة فى لبنان ليست أزمة تغيير حكومة بل أزمة تهدد بقاء الدولة الوطنية نفسها”.وأنه “نفس الأمر فى ليبيا، الدولة الوطنية كانت معرضة للانهيار، وليبيا بالنسبة لمصر أمن قومي، وبالتالى نجحت جهود مصر فى وضع حجر الأساس لإعادة بناء دولة وطنية جديدة فى ليبيا”.إن “مصر تبنت فى الداخل شرعية الإنجاز من خلال تنفيذ مشاريع قومية كبرى وتحقيق نمو اقتصادي واستقرار داخلى، وهو ما أعطى ثقة لمحيطها الإقليمي في قدراتها،

 

وبالتالي مصر تتحرك خارجيا بثقة كبيرة”.لان “مصر لديها الإرادة السياسية لاستعادة دورها ومكانتها الخارجية بعد أن استعادت توازنها الداخلي.. ولن تتخلى عن المحيط الإقليمي وفقا لما وصلت إليه مصر على الساحة الإقليمية واستعادة مكانتها بين دول الإقليم، والجهود التي بذلتها في مختلف القضايا، فإن مصر قامت بنقلة قوية في محيطها الخارجي في وقتٍ قياسي؛ حيث تحولت من دولة فقدت مكانتها الإقليمية وتراجع دورها الإقليمي، إلى دولة عادت مرة أخرى إلى الساحة الإقليمية؛ بفضل جهود بذلتها القيادة السياسية.

 

تؤدي مصر دوراً محورياً في المنطقة العربية، ليس بحكم موقعها الجغرافي المتميز فحسب، ولكن أيضاً بسبب تاريخها العريق ومسؤوليتها القومية تجاه القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. تمثل العلاقة بين مصر وقطاع غزة جزءاً من هذا التاريخ الممتد، إذ يتشابك المصير المصري والفلسطيني منذ قرون. يُبرز الدور المصري تجاه قطاع غزة أهمية مصر في دعم الاستقرار في المنطقة، ويتطلب منها التزاماً مستمراً بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

 

شكلت الجولة الخليجية للرئيس عبدالفتاح السيسي، التي شملت دولتي قطر والكويت، محطة استراتيجية مهمة في توقيت دقيق واستثنائي تمر به المنطقة، على مستوى التوترات الإقليمية وتصاعد الأوضاع في فلسطين وأيضا من ناحية التحديات الاقتصادية العالمية، أن الزيارة تفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي بين مصر وقطر والكويت، خاصة في مجالات الاستثمار والبنية التحتية والطاقة، كما تمثل خطوة هامة نحو تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث، بما يعود بالنفع على شعوبها. تهدف إلى تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، وتوطيد علاقاتها مع الدول الشقيقة.

 

 انفتاح الجانب المصري على شكل الشراكة التي يمكن الدخول فيها مع المستثمرين القطريين الراغبين في العمل في مصر. وفي هذ السياق، أكد السيد الرئيس على أن مصر بها بيئة آمنة ومستقرة مواتية للاستثمار، وذلك لكونها مستقرة، ليس فقط بسبب الإجراءات الأمنية المتخذة، وإنما لوجود مجتمع واع ومدرك ومتفهم لأهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار . وتأتي زيارة السيسي إلى قطر تتويجاً لما شهدته العلاقات بين مصر وقطر من تنامٍ مطرد منذ عام 2021، حيث قام أمير قطر بزيارة القاهرة في يونيو (حزيران) 2022، ثم قام الرئيس المصري بزيارة الدوحة في سبتمبر (أيلول) 2022، حيث تم التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم في مجالي الموانئ والشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون بين صندوق مصر السيادي وجهاز قطر للاستثمار.

 

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية عام 2024 نحو 205 ملايين دولار، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات القطرية في مصر نحو 5.5 مليار دولار. أن تلك الزيارة من أهم الزيارات في تاريخ العلاقات الكويتية المصرية. حيث عبرت عن عمق الود والاحترام والتقدير بين البلدين، وأكدت على أهمية التعاون والشراكة في مختلف المجالات. وهو ما نأكد عليه بأنها عكست توازن السياسة الخارجية المصرية، وحرص القيادة السياسية على حماية الأمن القومي العربي، وتعزيز للتعاون مع دول الخليج، وإعادة الزخم لجهود دعم القضية الفلسطينية ووقف إطلاق النار على غزة. وجاءت جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتعكس تحركًا دبلوماسيًا فاعلًا لدعم القضية الفلسطينية، كما تفتح الزيارتان آفاقًا جديدة للاستثمار وتعزيز التعاون الثنائي بما يخدم الأمن القومي العربي.

 

 أن «القيادات العربية والخليجية من الواضح في تحركاتها الفترة الماضية الإصرار على أن تكون دول المنطقة وشعوبها لها تأثير وقرار فاعل فيما يحدث بالمنطقة والعالم، ولا تكتفي بدور المتفرج». أن تلك الجولة حققت توازن في السياسة الخارجية المصرية، وحرص القيادة السياسية على حماية الأمن القومي العربي، وتعزيز للتعاون مع دول الخليج، وإعادة الزخم لجهود دعم القضية الفلسطينية ووقف إطلاق النار على غزة.

 

الدكتور عادل عامر

 

دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي

 

ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري

 

وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

زر الذهاب إلى الأعلى