مقالات الرأي

هل كشفت أديس أبابا عن الهدف الاستراتيجي من بناء سد النهضة؟

مقال / صوت الأمم

مقال / صوت الأمم

يتعرض الأمن القومي المصري لتهديدات وتحديات داخلية وخارجية، وهذا لا يتعلق فقط بالأزمات التي تشهدها دول الجوار مثل السودان وليبيا وفلسطين، ولا أيضا بما تعرضت له مصر من هجمات إرهابية شرسة منذ ثورة 30 يونيو 2013 ضد جماعة الإخوان الإرهابية، بل بحجم المؤامرات التي تواجهها من دول كبرى.

فقد استطاعت مصر، مواجهة الكثير من هذه التحديات الداخلية والخارجية والتعامل معها بقدر كبير من الحكمة والمرونة، حتى وان كانت هذه التحديات مازالت موجدة ومستمرة وخاصة على الحدود الغربية والجنوبية وأيضا الشرقية، وهذا طبعا غير الخطر والعدو الرئيسي وهو كيان الاحتلال الاسرائيلي.

لكن أصبح التهديد الحقيقي والوجودي الذي يهدد مصر الآن هو سد النهضة الإثيوبي الذي أصبح قنبلة موقوتة تهدد مصر والسودان، ورغم المخاطر الكبيرة من احتمالية تعرض المنطقة التي تم إنشائه عليها لكوارث طبيعية، إلا أن الأخطر منه هو تعنت الجانب الإثيوبي وتمسكه بعدم الوصول لأي اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد.

والأخطر هو البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية الإثيوبية، اليوم الإثنين، والي أظهر النوايا الحقيقية لهذه الدولة أو للقيادة السياسية فيها فقد أصبح الأمر واضح وضوح الشمس، بأن الهدف من بناء هذا السد ليس فقط كما تدعي آديس آبابا أنه بهدف التنمية، بل هو يستهدف الدولة المصرية ويهدد وجودها هذا إلى جانب السودان أيضا.

وزارة الخارجية الإثيوبي، قالت في بيانها بالن : أنها استضافت الجولة الثانية من المفاوضات الثلاثية وأن الجانب المصري ظهر بموقف يقوض اتفاق إعلان المبادئ الموقع في عام 2015م، ومن المؤسف أن إصرار مصر المستمر على الحفاظ على معاهدة إقصائية تعود إلى الحقبة الاستعمارية، والاستغلال الاحتكاري، والمطالبة بحصص المياه الإستعمارية حالت دون إحراز تقدم ملموس في المفاوضات.

الفقرة السابقة مقتبسة بالنص من البيان الإثيوبي، وهو إعلان واعتراف واضح من أديس أبابا بعدم الاعتراف بحصة مصر المائية التي نصت عليها، العديد من الاتفاقيات والمعاهدات المعنية بتقاسم مياه النيل، وأيضا القوانين والمبادرات المعنية بمياه الأنهار الدولية العابرة للحدود.

ويتضح أيضا أن الأمر تقف خلفه دول كبيرة بهدف الإضرار بمصالح مصر الاستراتيجية، والتأثير على مشروعات التنمية خاصة وانها تعاني من فقر مائي في ظل وجود الحصة الحالية المقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب من المياه، فماذا سيحدث لو لم تصل هذه الحصة كاملة؟ أو لو فقدنا جزء كبير منها؟، فمن المعروف أن ذلك سيعرض الكثير من الأراضي المصرية للجفاف وستتراجع بعض المحاصيل الزراعية مما ينعكس بصورة كبيرة على حياة المواطنين وقدرة الدولة على تحقيق التنمية المستهدفة.

ولمواجهة هذه التهديدات والخروج من هذا المآزق يتطلب الأمر مساندة أجهزة الدولة في تحركاتها ودعمها حتى تستطيع القيام بالدور المنوطة من خلال اتخاذ الإجراءات التي تناسب كل مرحلة، بما يتوافق مع القوانين والاعراف الدولية.

مقال / صوت الأمم

زر الذهاب إلى الأعلى