
رمضان فى بكين : عبادات إسلامية فى المقاطعات الصينية
رمضان فى الصين .. عبادات إسلامية بعيون عربية
رمضان فى بكين : صوم الصينيين فى بلاد التنين
بكين رسالة : أيمن عامر
رمضان ذو طابع مختلف في طقوس عبادته و ألوان ومذاق طعامه في البلدان العربية وخاصة مصر وفرحته ومظاهر الاحتفال به في مصر مغاير أيضا ، كما يشهد العالم بالقول المشهور ” رمضان فى مصر حاجة تانية ” ؛ إلا أننا لمسنا شعور فرحة بصيامه وعباداته في بكين كذلك ، حيث يبتهج مسلمو الصين بقدوم شهر رمضان المبارك، الذى يعتبروه هبة إلهية لتذكير المسلمين بأنهم عائلة واحدة حول العالم ، يمسكون عن الطعام ويفطرون في وقت واحد، مع اختلاف التوقيت بين دولة وأخرى ويعتبرونه فرصة للعبادة والتواصل وصلة الأرحام وأداء الفروض في المساجد، وقيام حلقات ذكر القرآن الكريم والتجمع فى الموائد الرمضانية وتقديم الصدقات والذكاة للمساجد للمساهمة فى ترسيخ الحياة الاجتماعية الكريمة للمسلمين فى الصين .
مصر والعالم العربى
ورغم اختلاف الاجواء الرمضانية والروحانية التي تطلق انبعاثات السعادة علي المجتمع في مصر والعالم العربي من خلال تجمعات العائلة والاصدقاء والجيران وزملاء العمل فتلامس الوجدان، وجدنا تشابه العبادات والعادات للمسلمين في بكين.
تجربة رمضانية
ولعل أول تجربة رمضانية في الصين خلقت لدي فضول المعرفة في كيفية ممارسة طقوس العبادة في الصين وخصوصا بكين من خلال معايشة حقيقية ، واضعا نصب عيني تقارير أجنبية نشرت عن إجبار المسلمين الصينين علي عدم الصوم والمنع من الصلاة. ومن رأى ليس كمن سمع ، فوجدت ببكين العاصمة السياسية للصين 60 مسجدا منها ما يعود تاريخه لألف عام خلت ، يتوافد إليها المغتربين والصينين بكامل الحرية دون اعتراض أو معوقات حكومية مما يؤكد علي الحرية التامة في ممارسة الصلاة والعبادات في المساجد وترسيخ الحريات الدينية في الصين ، بلاد التنين .
حى السفارات
مع بداية انطلاق اليوم الأول للصيام توجهت لصلاة الفجر فى أقرب مسجد لحي السفارات الذي أقطن فيه، وهو مسجد نان شيا بوه الذي تتعدي مساحته حوالى 2000 متر ويتسع لحوالى ٥٠٠ مصلي في صحن المسجد ونفس العدد في الخارج. وحرصت على أن أصلي به الصلوات الخمس خاصة صلوات الفجر و المغرب والعشاء والتراويح ، عدة مرات حتى أشاهد عبادات المسلمون واتعايش معهم رمضانيات بكين
العبادات الإسلامية
فوجدت نفس العادات الإسلامية فى مصر والبلدان العربية تطبق فى بكين ، بداية من موائد إفطار جماعية للرجال فى جانب والسيدات فى جانب مختلف في فناء المسجد، حيث يجتمع المسلمون الصينيون والضيوف العرب والأجانب عقب أذان المغرب لتناول التمور والألبان والفواكة والمرطبات بشكل جماعي ، ثم يقيموا الصلاة ويصلون المغرب وركعتى السنة . ثم يتجه جميع المصلون إلى المطعم التابع للمسجد والملاصق له لتناول الافطار الجماعى فيما يشبه مائدة الرحمن فى مصر ، وتتشابه الموائد في أنواع الاطباق ، حيث الخضروات والمخللات والسلطات والشوربات واللحوم بأنواعها لكن بطرق ومذاق مختلف .
الشاى الصينى
ولا تتوقف العادات عند الإفطار، بل يتم تحضير جميع أنواع الشاي الصيني قبيل صلاة العشاء والتراويح مع زجاجات المياه، وذلك حتى يتسنى للمصلين الذين يمكثون قرابة ساعة ونصف في المسجد لتلاوة القرآن الكريم فى حلقات ذكر من جميع الأجيال أطفال وشباب وشيوخ قبل صلاة العشاء. فيبدأون صلاة العشاء ومن ثم الاستماع للوعظ اليومي باللغة الصينية وتلاوة أيات القرآن الكريم باللغة العربية خلال أيام رمضان، ثم أداء 20 ركعة تراويح وثلاثة وتر .
https://youtu.be/Vj4JcNOfcPQ?si=olBkjmxtNuVKyaJu
عادات المسلمون
استطلعنا أراء بعض المسلمون بالمسجد ،
قال محمد ، إن عادات المسلمون فى شهر رمضان الكريم كمثل عبادات المسلمون حول العالم والتى تبدأ بالصيام من أذان الفجر إلى أذان المغرب وأداء الصلوات الخمس . مؤكدا ، أن أغلبية المسلمون فى الصين يصومون ويصلون ويؤدون أركان الإسلام الخمسة ويستعد البعض لأداء مناسك الحج بمكة المكرمة .
وأضاف ، كما يصلى معظم المسلمون الصينيون صلاة التراويح جماعة بالمسجد والبعض لا يصليها بسبب أنهم يكونون فى أوقات العمل .
وأوضح محمد أن الصينيون بالصين يحرصون على صلة الأرحام والذكاة والصدقات بالمساجد لعمل موائد الرحمن والإفطار الجماعى للمصلين كل يوم .
الأكلات الحلال
وأكد محمد ، أن المسلمون الصينيون يأكلون جميع الأكلات واللحوم والدواجن الحلال . وتختلف الوجبات كل يوم عن اليوم الذى يسبقه ، والاكلات فى رمضان تختلف عن باقى الشهور .
مسلمات صينيات
وأكد محمد أن الرجال المسلمون يتزوجون مسلمات صينيات أو من أى جنسية أخرى شريطة الإسلام ، مؤكدا أن الإسلام يزداد فى الصين بحرية تامة للعبادات ، مشددا على أن الإسلام عقيدة صحيحة ، لافتا عندما يسافر بعض الصينيين إلى الخارج ويتعاملون مع المسلمين يعودون إلى أرض الوطن ويسألون عن الإسلام ومن ثم يشهرون إسلامهم حبا فى الاخلاق والمعاملات الإسلامية. مشددا ، هدف المسلمون فى الصين وفى الخارج فى جميع دول العالم واحد وهو عبادة الله رب العالمين ، كدين واحد لأمة واحدة .
العاصمة بكين
وأشار فاروق ، إلى أن المسلمين فى العاصمة بكين أقلية لكن عددهم يزيد فى المقاطعات الأخرى ، مشيرا إلى أن المسلمون يزورون بعضهم فى رمضان كما يتواصلون مع بعضهم البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي ،كما ينشط التواصل الاسرى وصلة الأرحام بينهم فى شهر رمضان الكريم حتى لا يحدث بينهم جفاء .
ولفت فاروق ، إلى أن المسلمين فى الصين يحاولون تعلم مزيد من اللغة العربية حتى يستطيعوا قراءة وحفظ القرآن الكريم وأن يفهموا معانى القرآن بشىء من التدبر . لافتا ، إلى أن هناك تعليم بين الأجيال لقراءة وحفظ القرآن الكريم وفهم معانيه .
مسلمى الصين
ومن خلال حديثي مع مسلم صيني بالمسجد يدعي ” مابو أبا ابراهيم” أخبرني أن رمضان يمثل نفحة إيمانية كبري لدي مسلمي الصين حيث يكثرون فيه من الصلوات والنوافل فأغلب مسلمي الصين خصوصا في بكين مذهبهم سنة صوفية احناف وحنابلة ومالكية يمارسون عبادتهم مثل المسلمين في المناطق العربية والإسلامية من صلوات وتجمع لإفطار المغرب ولكن نفضل التجمع في المسجد .ثم تناول التمور واللبن والفواكة ثم الصلاة والجلوس على موائد الإفطار داخل المطعم في جو من الألفة والمودة .
واضاف أن اخواننا الصينين غير المسلمين يحترمون صيامنا وطقوس عبادتنا ونتعايش في إطار الوطن الآم الكبير.
تهنئة صينية
وهنأت وانغ مو يي ، إعلامية صينية ليست مسلمة ، الصينيون المسلمون ، مما يؤكد الاحترام المتبادل حيث هنأت مسلمي بكين برمضان في فناء المسجد وحرصت على ارتداء الحجاب والوقوف خارج مكان الصلاة احتراما لطقوس عبادتهم .وهذا يظهر انعكاس لثقافة التعايش والاحترام المتبادل بين مختلف القوميات الصينية.
مسجد نان شيا بوه
وأوضح كي زي قانغ ، مدير مسجد نان شيا بوه ، أن المسجد بُني خلال فترة حكم الإمبراطور قوانغشو (1875-1908) بتمويل من تبرعات المجتمع المسلم المحلي. وفي عام 1986 خضع المسجد لأعمال ترميم وإعادة طلاء ملونة بتراث يجمع بين التراث الإسلامى والصينى ، وفى فناءه يعلو العلم الصينى ، لتأكيد هويتنا لجمهورية الصين الشعبية التى ترسخ للمسلمين حرية العبادة وإقامة الشعائر الإسلامية . لافتا ، إلى أن هناك حوالى خمسين حاج مسلم من الصين سوف يؤدون مناسك الحج هذا العام فى مكة المكرمة ويتم تثقيفهم بمناسك الحج داخل قاعات المسجد ، مؤكدا أن المسجد يحرص على عمل موائد الرحمن لتحقيق الألفة والأخاء بين المسلمين الوطنيين والأجانب ولم شمل الأسرة المسلمة .
عشر قوميات
تضم الصين عشر قوميات مسلمة أكبرها قومية هُوِي التي يتمركز معظم أبنائها في مقاطعة نينغشيا شمال غربي البلاد، وهي ثالث أكبر مجموعة عرقية في الصين، وتضم صينيين تحولوا إلى الإسلام، أو آخرين تزوجوا بمهاجرين مسلمين. بينما تنحدر معظم الأقليات المسلمة الأخرى من شعوب دول آسيا الوسطى، مثل أوزبكستان وقرغيزستان وكازاخستان وطاجكستان وتركمانستان.
شهر رمضان
ومع اقتراب شهر رمضان، بدأ أبناء قومية هُوِي إعداد العدة لاستقبال الشهر الذي يحظى بطقوس وتقاليد خاصة ومميزة، تختلف عن طقوس بقية القوميات، وتشمل تجهيز المنازل، وتزيين الطرقات والشوارع، وتنظيف المساجد وإعادة طلائها، وتحضير وجبات الطعام الرمضانية، وتبادل الموائد، ولم شمل الأسر، والتردد على مراكز تحفيظ القرآن، وغيرها.
قومية هوى
يقول ناصر الدين يونغ، وهو إمام مسجد في مقاطعة نينغشيا، من قومية هوي ، إن “شهر رمضان هو هبة إلهية لتذكير المسلمين بأنهم عائلة واحدة، يمسكون عن الطعام ويفطرون في وقت واحد، مع اختلاف التوقيت بين دولة وأخرى.
وأضاف ناصر الدين ، يمثل شهر رمضان الكريم عندنا في نينغشيا، قيمة كبيرة، فمن الناحية الدينية، هو فرصة لتنقية النفس وتطهير الروح من الشرور ومفاسد الحياة، كما أنه قوة دافعة للقيام بالمزيد من الأعمال الصالحة، لنصبح أشخاصاً أسوياء، ونعود إلى فطرتنا الأولى .
الاسر المشتتة
واستطرد ناصر الدين ، “من الناحية الاجتماعية، يعتبر شهر رمضان فرصة للم شمل الأسر المشتتة بسبب ظروف العمل، سواء داخل الإقليم أو خارجه .
عادات رمضان
وحول أبرز عادات رمضان، يقول ناصر الدين: “نبدأ منذ منتصف شهر شعبان إعداد الزينة التي يغلب عليها الطابع الروحاني، مثل الفوانيس واللافتات الخضراء المطرزة بآيات قرآنية، ونعلقها على أبواب المنازل وعلى الشرفات، وفي الساحات العامة، كما نقوم بإعادة طلاء المساجد، وتحديث سجاجيد الصلاة، والإضاءة والستائر. نحرص على استقبال الشهر بحلة جديدة في كل عام لإضفاء البهجة وبث السرور في النفوس”.
طقوس الإفطار
وحول طقوس الإفطار وأبرز الأطعمة، يوضح ناصر الدين، أن “العائلات تنقسم إلى قسمين، الأول يبقى في المنازل، ويضم النساء والأطفال دون العاشرة، وقسم آخر يتوجه إلى المساجد، وهم الرجال والشيوخ والشباب، حيث يتم إعداد موائد كبيرة بمشاركة الأهالي عبر صناديق التبرعات، وتقدم هذه الموائد وجبات إفطار مجانية، وما يزيد منها يتم توزيعه في وقت لاحق على العائلات المستورة. لافتا إلى أن البطيخ عنصر أساسي على كل مائدة بجانب التمر، فالصائم يحتاج إلى كميات وفيرة من السوائل، وثمرة البطيخ هي الأنسب من الناحية الصحية”.
إفطار رمضاني
ويشير إلى أن “الوجبات الأساسية في رمضان تشمل لحم الغنم المطبوخ مع الخضار والتوابل، وكذلك البط المطهو بالبخار، والزلابية والفطائر الصينية، إلى جانب الفواكه الطازجة. بمجرد الانتهاء من وجبة الإفطار، يتفرغ الجميع للتجهيز لصلاة التراويح، وبعد ذلك يتم تنظيم حلقات ذكر صغيرة في كل مسجد لقراءة القرآن، وعادة ما تستمر هذه الحلقات حتى موعد السحور”.
وأوضح يوسف الأمين شاو يان ، أن شهر رمضان فرصة لإبراز الهوية الدينية لأكبر قومية مسلمة في البلاد. موضحا “في دولة قارية بحجم الصين التي يبلغ تعدادها أكثر من 1,4 مليار نسمة، يعتبر المسلمون أقلية، ولا تكاد تعرف القوميات الصينية الأخرى شيئاً عن الدين الإسلامي، لذا نحاول في كل عام استغلال شهر رمضان للتعريف بهويتنا الدينية من خلال تفاصيل صغيرة لكنها مهمة، مثل تحضير بوفيه رمضان في المطاعم المسلمة بالمدن، وتعليق الفوانيس والزينة، وهي مظاهر عادة ما تستوقف عامة الناس للتساؤل عن معناها”.
يضيف: “شخصياً، أشعر بسعادة غامرة حين يستوقفني أحدهم للسؤال عن دلالات الزينة، أو معنى الصيام وتأثيره على الصحة، وفي كل مرة أسهب في الإجابة لتعريف الآخر بهويتنا الدينية وعاداتنا الخاصة. حتى إن بعض الصينيين غير المسلمين بعد الاستماع لنا والانبهار بعاداتنا يحاولون تجريب الصيام، وبعضهم يتردد على المطاعم الإسلامية لتناول وجبات الإفطار، كي يكونوا قريبين من هذه الأجواء الخاصة
.
الشعب الصيني
تتنوع المعتقدات فى الصين ، ولعل تاريخ الثقافة الصينية الذي يمتد لخمسة الاف سنة يذكر دائما أن هذه الحضارة بمختلف قومياتها تتعايش في سلام بل إن طريق الحرير الصيني كان سببا في انتشار الإسلام فى آسيا ودخوله للصين منذ ألف وأربعمائة عاما تقريبا أي في عهد الخليفة عثمان ابن عفان رضي الله عنه وكان التعايش والاحترام المتبادل سمة تميز شعب الصين .
الاسلام فى الصين
وتقدّر إحصاءات غير رسمية عدد المسلمين في الصين بمائة مليون نسمة، بينما تشير التقارير الحكومية إلى أن عددهم لا يتجاوز 23 مليوناً، ورغم أن دخول الإسلام إلى الصين يعود إلى أكثر من 1350 عاماً، لا يزال عامة الشعب الذي ينحدر أكثر من 91% منهم من قومية هان، يجهلون الإسلام، إذ تعتبر الصين دولة لا دينية في ظل نظام الحكم الشيوعي، لكنّ حوالي 18% من مواطنيها يتبعون البوذية، وهناك نحو 5% من المسيحيين.
البث المباشر والحقيقة
ربما تغني صورة عن ألف كلمة وبالطبع فإن البث المباشر بالفيديو للعبادات والعادات الرمضانية للمسلمين فى بكين ، يغني عن كل الكلام ،فقد قمت ببث مباشر لخطبة الجمعة وصلوات الفجر والعشاء والتراويح ،ورصد لمشهد حركة دخول المصلين من خارج المسجد ، وداخله ، وكذلك بث لدرس الوعظ اليومي وختم الصلاة حتي يشاهد الجميع الوضع علي الطبيعة دون تدخل، ليشاهد الجميع انه ليس هناك اختلاف او عائق بين مسلمى بكين والقاهرة ومكة وعواصم العالم .